للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٥) واختلفوا في الكفار: هل يعاقبون على ترك الفروض والواجبات بجانب الكفر؟ فقال الماتريدية: يعاقبون على ترك الاعتقاد دون الفروض وقال الأشاعرة يعاقبون على ترك العبادات زيادة على عقوبة الكفر (١).٢٦) واختلفوا في توبة اليأس: هل هي مقبولة أم لا؟ فذهب الماتريدية إلى أنها مقبولة وأن إيمان اليأس غير مقبول. وذهب الأشاعرة إلى أن توبة اليأس لا تقبل كإيمان اليأس (٢).٢٧) وذهب الماتريدية إلى أن الشم والذوق واللمس ليسوا صفحة زائدة لله بل هو نوع من العلم في حقه، بدليل أن ذلك الإدراك يهم العروض بأمور حادثة ينزه الله عنها. وذهب الأشاعرة إلى أن المماثلة تثبت بالاشتراك حتى لو اختلفا في وصف لا تثبت المماثلة. فاستنكر النسفي ذلك وقال: "لا نقول ما يقول الأشاعرة من أنه لا مماثلة إلا بالمساواة في جميع الصفات" (٣).٢٨) واختلفوا في عصمة الأنبياء: فمنع الأشاعرة وقوع الكبائر من الأنبياء مطلقا، وجوزوا عليهم الصغائر سهوا. ومنهم من منع وقوع شيء من ذلك مطلقا كالإسفراييني والقاضي عياض المكي (٤) وهم بذلك موافقون للماتريدية.

نهاية المطاف

أن هذه الخلافات العميقة بن الفرقتين هي في ذاتها دليل ضد كل من يدعي أهما الطائفة الناجية وهما الماتريدية والأشعرية.

فالفرقة الناجية ليست مركبة من فرقتين متناحرتين في العقائد، وإنما هي طائفة واحدة كما في الحديث.

وليس من سماتها تقديم العقل محل النقل ولا التأويل في أسماء الله وصفاته وإنما تتميز الطائفة الناجية بأنها تقدم النقل على العقل من غير أن تعطل دور العقل.

فلا تقدم العقل على النقل على النحو الذي مضى عليه الفلاسفة والمتكلمون والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية.

ولا تقدم القلب والكشف على النقل كما يفعل الصوفية والباطنية.

المصدر:شبهات أهل الفتنة وأجوبة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية - ص ٣١٣


(١) ((نظم الفرائد)) (ص: ٥٨).
(٢) ((نظم الفرائد)) (ص: ٥٩).
(٣) ((نظم الفرائد)) (ص: ٥٩).
(٤) ((الروضة البهية)) (ص: ٥٧ و ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>