للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - هل يجوز سماع كلام الله تعالى أو لا؟ ذهبت الأشعرية إلى الجواز (١)، وذهبت الماتريدية إلى المنع، وأولوا النصوص التي ورد فيها ذكر لسماع كلام الله بمعنى إعلام الله إيانا معنى كلامه كما علمنا قدرته وربوبيته، وقدرته تعالى على المعلومات لا من المسموعات (٢).

وقول الماتريدية – على بطلانه – أوفق لمذهبهم في القول بالكلام النفسي الذي ليس بحرف ولا صوت؛ لأنه إذا لم يكن بحرف وصوت، لم يتصور سماعه، والأشاعرة كان يلزمهم القول بمذهب الماتريدية لأنهم يقولون بالكلام النفسي.

٣ - هل المشيئة والإرادة تستلزمان الرضا والمحبة، أو لا؟ ذهبت الماتريدية إلى عدم استلزام المشيئة للرضا والمحبة، فالمعاصي والكفر مراد لله تعالى كونا مع عدم الرضا به (٣)، وذهب جمهور الأشاعرة إلى أن الإرادة والرضا متحدان فالله تعالى كما يريد الكفر يرضى به أيضاً واختار بعضهم المذهب الأول (٤)، ومذهب جمهور الأشعرية في هذه المسألة باطل بدليل قوله تعالى: إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر: ٧] فالإرادة عند أهل السنة نوعان: إرادة كونية شاملة لجميع الموجودات، وإرادة شرعية متضمنة للمحبة والرضا (٥)، وبناء على هذا الأصل في عدم التفريق بين الإرادة الكونية، والإرادة الشرعية فقد أقدم الأشاعرة على تأويل النصوص الدالة على أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر والمعاصي (٦).٤ - هل يجوز عقلاً أن يعذب الله تعالى المطيع أو لا؟ فالأشعرية يجوزون ذلك (٧)، والماتريدية لا يجوزونه (٨)، والحق أن الله لا يعذب المطيع (٩).


(١) انظر الجويني: ((الإرشاد)) (ص: ١٢٩ - ١٣٠) و ((مناظرات الرازي)) (ص: ٥٣) والغزالي: ((قواعد العقائد)) (ص: ٥٩).
(٢) انظر ((التوحيد)) للماتريدي (ص: ٥٩)، و ((إشارات المرام)) (ص: ٥٥، ١٨١ - ١٨٢).
(٣) ((التوحيد)) للماتريدي (ص: ٢٨٦ - ٢٨٧)، و ((إشارات المرام)) (ص: ٥٥).
(٤) انظر ((طبقات السبكي)) (٣/ ٣٨٥)، و ((الإرشاد)) (ص: ٢١٢).
(٥) انظر: ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص: ١١٦ - ١١٧، ٥٠٥ - ٥٠٦).
(٦) انظر ((التمهيد)) للباقلاني (ص: ٢٨٤)، و ((الإرشاد)) للجويني (ص: ٢٢٠).
(٧) انظر ((الروضة البهية)) (ص: ٣٢ - ٣٤).
(٨) انظر شيخ زادة: ((نظم الفرائد وجمع الفوائد)) (ص: ٣٠) / القاهرة/ المطبعة الأدبية/ ١٣١٧هـ.
(٩) انظر ((الفرقان بين الحق والباطل)) ضمن المجموع (١٣/ ١٩)، ((وبدائع الفوائد)) لابن القيم (٢/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>