للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذان الاسمان الحسنان يدلان على صفة "الألوهية" لله تعالى أقطع دلالة فكيف تكون صفة "الألوهية" من صفات الأفعال التي مرجعها إلى صفة التكوين؟! مع أنها من أعظم صفات الله الثبوتية الذاتية.

الوجه الثاني: أن الماتريدية فسروا "الإله" بالصانع القادر المالك صرح بذلك خيالهم الذي غلب أفكاره خيالات كلامية (٨٦٢هـ)،وكستليهم (٩٠١هـ) وبهشتيهم (٩٧٩هـ) وجنديهم (؟) وغيرهم من الماتريدية والرستمي من الفنجفيرية النقشبندية (١).

الوجه الثالث: أن الإمام أبا منصور الماتريدي (٣٣٣هـ) وكبار الماتريدية بعده يحتجون على إثبات توحيد الربوبية الخالقية وكون الله تعالى صانعاً وحده، للعالم ومحدثاً له.

بما يسمونه "برهان التمانع".

فقالوا: واللفظ للتفتازاني فيلسوف الماتريدية (٧٩٢هـ):

"المحدث للعالم هو الله تعالى، أي الذات الواجب الوجوب ... ، الواحد، يعني: أن صانع العالم واحد ...

والمشهور في ذلك بين المتكلمين "برهان التمانع" المشار إليه بقوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء: ٢٢]

وتقريره: أنه لو أمكن إلهان لأمكن بينهما تمانع،

بأن يريد أحدهما حركة زيد، والآخر سكونه ...

وحينئذ إما أن يحصل الأمران - فيجتمع الضدان، أولا - فيلزم عجز أحدهما ... " (٢).

فأنت ترى أيها المسلم إلى هؤلاء الدهماء كيف قلبوا آية عظيمة جاءت لتقرير توحيد الألوهية "العبادة" إلى كونها برهان التمانع على إبطال صانعين ربين لهذا العالم؛ ففسروا الإله "بالرب الخالق".

وفسروا صفة "الألوهية" بالربوبية والخالقية والصانعية والمالكية.

فوقعوا في خرق وحمق، وخرجوا على لغة العرب، وعطلوا صفة "الألوهية"، وحرفوا نصوصها إلى صفة "الربوبية الخالقية الصانعية"؛ لأن تفسير صفة بأخرى - كتفسير "اليد" بالقدرة أو النعمة - تعطيل وإبطال لها. حتى بشهادة الإمام أبي حنيفة رحمه الله وشهادة ثمانية من كبار أئمة الماتريدية.

المصدر: الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات لشمس السلفي الأفغاني ٣/ ١٦٣ - ١٧٠


(١) انظر ((حاشية أحمد بن موسى الخيالي على شرح التفتازاني/ للعقائد النسفية، لعمر النسفي، مع حاشية رمضان البهشتي على حاشية الخيالي)) (ص ٥١) و ((حاشية مصلح الدين مصطفى الكستلي على شرح التفتازاني للعقائد النسفية)) (ص ٦٣) و ((حاشية الملا أحمد الجندي عليه)) (ص ٨٧)، و ((التبيان لعبد السلام الفنجفيري)) (ص ٥٨ - ٥٩).
(٢) شرح ((تبصرة العقائد النسفية)) (ص ٣١ - ٣٣)؛ و ((كتاب التوحيد)) للماتريدي (ص ٢٠ - ٢١)، و ((تبصرة الأدلة)) لابن أبي المعين النسفي (٣٦/أ – ٣٧ – ب)، ((البداية)) للصابوني (ص ٤٠)، ((المسايرة)) لابن الهمام مع شرحيها لابن أبي شريف، وقاسم بن قطلوبغا (ص ٤٤ - ٤٥)، و ((نشر الطوالع)) (ص ٢٣٧ - ٢٣٨)، و ((النبراس)) (ص ١٥٥ - ١٦١)، و ((مرام الكلام)) (ص ١٣)، كلاهما للفريهاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>