للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما سيأتي شرحه إن شاء الله، وسادساً وقعوا في التناقض الواضح والاضطراب الفاضح حيث أثبتوا بعض الصفات وعطلوا بعضها بهذه الشبهة الجائزة مع أن تلك الشبهة موجودة فيما أثبتوه من الصفات أيضاً إذ لا فرق بين ما أثبتوه وبين ما نفوه، ولذلك نرى الجهمية الأولى والمعتزلة ينفون جميع الصفات بتلك الشبهة والغلاة من الجهمية ينفون الأسماء أيضاً (١).لأن هؤلاء الماتريدية على عادة المعطلة يتبادر إلى أذهانهم أن صفات الله تعالى من جنس صفات المخلوقين فتخيلوا من صفات الله تعالى ما تخيلوا من صفات المخلوقين من اللوازم كما خيل ذلك إلى الجهمية الأولى فقاسوا لخالق على المخلوق كما حقق ذلك شيخ الإسلام وغيره (٢).

قال الإمام أبو محمد عبدالله بن يوسف الجويني (٤٣٨هـ) والد إمام الحرمين في صدد بيان انشراح صدره للعقيدة السلفية ورجوعه عن العقيدة الجهمية (أبو إبراهيم بن شيخ الحزاميين الواسطي ٧١١هـ):"والذي شرح الله صدري في حال هؤلاء والشيوخ الذين أولوا الاستواء بالاستيلاء والنزول بنزول الأمر، واليدين بالنعمتين، والقدرتين - هو علمي بأنهم ما فهموا من صفات الرب تعالى إلا ما يليق بالمخلوقين فما فهموا عن الله استواءً يليق به، ولا نزولاً يليق به، ولا يدين تليق بعظمته بلا تكييف، ولا تشبيه، فلذلك حرفوا الكلم عن مواضعه، وعطلوا ما وصف الله تعالى نفسه به ... " (٣).ونقدم إلى القراء الكرام أمثلة واقعة لتطبيق الماتريدية تلك الشبهة الجهمية على صفات الله؛ ليعلم القراء أن أصل بلاء الجهمية جميعاً هي هذه الشبهة الفاسدة (٤).


(١) انظر ((التدميرة)) (ص ١٨٢ - ١٨٣)، و ((ضمن مجموع الفتاوى) (٣/ ٩٩ - ١٠٠)
(٢) ((التدمرية)) (ص ٨١ - ٨٣)) ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٣/ ٤٩ - ٥١).
(٣) ((رسالة في إثبات الاستواء والفوقية للجويني ضمن مجموعة الرسائل المنيرة)) (١/ ١٨١)، و ((مثله كلام الإمام الخطابي فيما نقله عنه البيهقي في السنن الكبرى)) (٣/ ٣)، و ((الأسماء والصفات)) (ص ٤٥٣)، وانظر ((مختصر الصواعق)) (٢/ ٣٨٥).
(٤) راجع ((القصيدة النونية)) (ص ١٦٦)، و ((شرحها وتوضيح المقاصد)) (٢/ ٢٩٥)، و ((شرحها للدكتور محمد خليل هراس)) (٢/ ١٥١) ((توضيح الكافية)) للسعدي (ص ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>