للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحد الماتريدية إذا للمعجزة غير مستقيم بل هو مضطرب وغير منضبط ومما يؤسف له أن يكون هذا التعريف هو السائد والمنتشر في كثير من كتب العقائد. والذي يظهر لي أن المعجزة هي عبارة عن ما يؤيد الله به أنبياءه ورسوله من الأمور الخارقة للسنن الكونية والتي لا قدرة للخلق على الإتيان بمثلها فتكون دليلا على صدقهم وتأييد الله لهم. وأما كرامات الأولياء فهي كما قالوا من آيات الأنبياء ولكن "ليس كل ما كان من آيات الأنبياء يكون كرامة للصالحين وهؤلاء يسوون بين هذا وهذا ويقولون الفرق هو دعوى النبوة والتحدي بالمثل وهذا غلط فإن آيات الأنبياء عليهم السلام التي دلت على نبوتهم هي أعلى مما يشتركون فيه هم وأتباعهم " (١).فانشقاق القمر والإتيان بالقرآن وانقلاب العصا حية وخروج الدابة من صخرة لم يكن مثله للأولياء وكذلك خلق الطير من الطين ولكن آياتهم صغار وكبار كما قال الله تعالى فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى النازعات: ٢٠ [فلله تعالى آية كبيرة وصغيرة وقال عن نبيه محمد لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى] النجم: ١٨ [فالآيات الكبرى مختصة بهم وأما الآيات الصغرى فقد تكون للصالحين مثل تكثير الطعام فهذا قد وجد لغير واحد من الصالحين لكن لم يوجد كما وجد للنبي صلى الله عليه وسلم أنه أطعم الجيش من شيء يسير فقد يوجد لغيرهم من جنس ما وجد لهم لكن لا يماثلون في قدره فهم مختصون إما بجنس الآيات فلا يكون لمثلهم كالإتيان بالقرآن وانشقاق القمر وقلب العصا حية وانفلاق البحر وأن يخلق من الطين كهيئة الطير وأما بقدرها وكيفيتها كنار الخليل فإن أبا مسلم الخولاني وغيره صارت النار عليهم بردا وسلاما لكن لم تكن مثل نار إبراهيم في عظمتها كما وصفوها فهو مشارك للخليل في جنس الآية كما هو مشارك في جنس الإيمان محبة الله وتوحيده ومعلوم أن الذي امتاز به الخليل من هذا لا يماثله فيه أبو مسلم وأمثاله .... " (٢)]

المصدر:الماتريدية دراسة وتقويما لأحمد بن عوض الله بن داخل اللهيبي الحربي - ص٣٨٨ - ٣٩٥


(١) ((النبوات)) (ص ١٦٩).
(٢) ((النبوات)) (ص ٢٦٩)، وانظر (ص ٧، ٨، ٣٠٥، ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>