للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١ - إنهما لم يبدعا مذهبا من عندهما وإنما هما مقرران لمذاهب السلف، مناضلان عما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - على زعمهم - وأنى لهم ذلك؟

١٢ - عقائدهما هي أصول الأئمة، فالأشعري قام بنصرة نصوص مالك والشافعي، والماتريدي قام بنصرة أبي حنيفة - رحمهم الله جميعا - ولم يبدعا مقالة، ولا مذهبا جديدا، وليس لهما أكثر من بسط مذهب السلف، وشرحه، والتأليف في نصرته - على زعمهم الكاذب.

١٣ - إذا أطلق أهل السنة والجماعة فالمراد الأشعرية والماتريدية - على زعمهم -؛ سبحان الله!!!

١٤ - إذا أطلق الأشاعرة يراد بها الأشعرية والماتريدية تغليبا.

١٥ - الفريقان كلاهما من الفرقة الناجية.

هذه آراء جمهرة من تصدى للموازنة بين الفريقين، وهناك آراء أخرى نذكر منها ما يلي:

١٦ - يرى الكوثري وتبعه أبو زهرة ترجيح الماتريدية على الأشعرية بأن الماتريدية هم الوسط بين الأشعرية، وبين المعتزلة؛ لأن الماتريدية أعطوا النقل حقه والعقل حكمة؛ بخلاف الأشعرية بسبب ابتعادهم عن العقل مرة وعن النقل أخرى، فالأشعرية عدل وسط بين المعتزلة، وبين الحشوية - يعنيان أهل السنة أصحاب الحديث عدوانا منهما وظلما -.

قلت: اعترف الكوثري ومن تبعه بأن الماتريدية أقرب من الأشعرية إلى المعتزلة فهذه في الحقيقة مثلبة لا منقبة؛ وأما زعمه أن الأشعرية ابتعدوا عن النقل مرة وعن العقل أخرى دون الماتريدية فادعاء محض، بل الماتريدية مع الأشعرية كأسنان المشط في هذا لا فرق بين هؤلاء وهؤلاء فهم كلهم خالفوا العقل والنقل في آن واحد؛ وكلهم ينفون علو الله ويعطلون كثيرا من الصفات ويقولون: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، ويقولون ببدعة الكلام النفسي. ١٧ - يرى الدكتور محمود قاسم: أن الماتريدي أكثر تسامحا مع المعتزلة، وأقرب إليهم منه إلى الأشاعرة. وهكذا المستشرق إجناس جولد تسيهر يقول: (وعلى العموم فإن آراء الماتريدية أكثر حرية وعقلية من آراء زملائهم الأشاعرة فأولئك أدنى إلى المعتزلة من هؤلاء) (١) هذا كرأي الكوثري.

وهذا يحتمل المدح والذم؛ ومع ذلك لا حقيقة لهذا الرأي؛ بل الماتريدية والأشعرية سواء، اللهم إلا أن يراد الأشعرية القدامى كالباقلاني، ونحوه فهم أقرب إلى أهل السنة.

١٨ - ويرى العلامة المقبلي (١١٠٨هـ) أن الفرقتين الرئيسيتين هما المعتزلة والأشعرية، أما الماتريدية فلا وجود لها استقلالا فهم معتزلة في مهمات الدين؛ بل في محمود مسائلهم إلا مسألة الكسب وهم أشعرية في مسألة الرؤية، وخلق الأفعال.

قلت: هذا حكم قاس على الماتريدية بل الحق أن الماتريدية والأشعرية - ولا سيما المتأخرين منهم - واسطة بين أهل السنة وبين الجهمية الأولى والمعتزلة، كما يتبين للقارئ من خلال هذه الرسالة فالماتريدية والأشعرية من فرق المعطلة على اختلاف دركاتهم في التعطيل ولا يرى فضل واضح لإحدى هاتين الطائفتين على الأخرى غير أن الأشعرية القدامى أقرب إلى أهل السنة.

١٩ - ويرى الأستاذ أحمد أمين: أن الاعتزال أظهر في الأشعرية بالنسبة إلى الماتريدية، ولكن الماتريدية لم يبلغوا مبلغ أتباع الأشعري فرجح مذهب الأشعري وزاد انتشاره، وكثر أتباعه.


(١) ((العقيدة والشريعة في الإسلام)) (ص ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>