للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبنوا فرعا فاسدا على أصل فاسد وهكذا حال كثير من أصول المتكلمين وفروعهم لأن فساد الأصل مستلزم لفساد الفرع لأن الأصل الفاسد كالأساس على شفا جرف هار فالبنيان عليه ينهار ولا بد. ولا يخفى فساد هذا الأصل الفاسد قال ابن حزم (إنما حملهم على هذا الكفر الفاحش قول لهم آخر في نهاية الضلال والانسلاخ من الإسلام وهو قولهم إن الأرواح أعراض تفنى ولا تبقى زمانين .. وإن كل واحد منا يبدل أزيد من ألف ألف روح في كل ساعة زمانية .. وإنه ليس لمحمد ولا لأحد من الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - عند الله روح ثابتة تنعم ولا نفس قائمة تكرم وهذا خروج عن إجماع أهل الإسلام فما قال أحد ممن ينتمي إلى الإسلام قبل أبي الهذيل العلاف ثم تلاه هؤلاء وهذا خلاف مجرد للقرآن وتكذيب لله عز وجل) ثم أطال في الرد عليهم على طريقته الخاصة في الإغارة والبطش (١).٤ـ أما الماتريدية فصرحوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحال كما كان رسولا (٢). وقالوا: إن المتصف بالرسالة والنبوة هو الروح والروح باق فهو رسول حقيقة.

قلت: هذا قول مخالف للصواب لأنه لم يقل أحد من أهل الإسلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم فحسب.

تنبيه: ذكر أبو عذبة أن الخلاف في هذه المسألة على تقدير صحتها عن الأشعري خلاف لفظي (٣).

قلت: هذا باطل لأن هذا الخلاف خلاف في النفي والإثبات فهو خلاف حقيقي لا يمكن التوفيق بين قولي الأشعرية والماتريدية في نظري والله أعلم. غير أن القول بنفي رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونفي نبوته يلزم الماتريدية أيضا وإن لم يلتزموه لأن من أصول الماتريدية أيضا أن العرض لا يبقى زمانين قال أبو المعين النسفي: (بخلاف قوة المخلوقين لأن صفاتنا أعراض والعرض لا يبقى زمانين وقوة الله تعالى وقدرته ليست بعرض لا تنقطع ولا تنقضي .. ) (٤).غير أننا نقول إن لازم المذهب ليس بمذهب إلا إذا عرفه صاحب المذهب والتزمه (٥). فنحن لا تتهم الماتريدية بهذا اللازم لأن هذا خلاف العدل والعلم كما يفعله المعطلة في اتهامهم لأهل السنة باللوازم ظلما وجهلا مع أن تلك اللوازم ليست لوازم لمذهب أهل السنة في الحقيقة كاتهامهم لأهل السنة بأنهم مشبهة قائلون بالجهة لمجرد إثباتهم للصفات (٦).

تنبيه آخر:


(١) ((الفصل)) (٥/ ٨٥) وانظر أيضا لإبطال قولهم: العرض لا يبقي زمانين ((درء تعارض العقل والنقل)) (٨/ ٥١).
(٢) ((بحر الكلام)) (ص: ٦١) ((نظم الفرائد)) (ص: ٤٩) ((الروضة البهية)) (ص: ١٣).
(٣) ((الروضة البهية)) (ص: ١٣).
(٤) ((بحر الكلام)) (ص: ٢٠) ((العمدة)) لحافظ الدين النسفي (١٤/ب)، ((شرح العقائد النسفية)) للتفتازاني (ص: ٨٦) ((النبراس)) (ص: ٢٨١).
(٥) ((القصيدة النونية)) (ص: ١٩٣ - ١٩٤) ((توضيح المقاصد)) (٢/ ٣٩٤ – ٤٠١) ((توضيح الكافية)) (ص: ١٥ – ١٥٧) ((شرح النونية)) للدكتور محمد خليل هراس (٢/ ٢٣٤ - ٢٣٩) وراجع ((طبقات الشافعية)) للسبكي (٣/ ٤١٣).
(٦) ((القصيدة النونية)) (ص: ١٩٣ - ١٩٤) ((توضيح المقاصد)) (٢/ ٣٩٤ – ٤٠١) ((توضيح الكافية)) (ص: ١٥ – ١٥٧) ((شرح النونية)) للدكتور محمد خليل هراس (٢/ ٢٣٤ - ٢٣٩) وراجع ((طبقات الشافعية)) للسبكي (٣/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>