للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول ببدعة حياة الأنبياء عليهم السلام حياة دنيوية هو مذهب الأشعرية كما سبق آنفا وأما قدماء الماتريدية فلم أجد لهم كلاما في ذلك لا نفيا ولا إثباتا ولكن المتأخرين منهم كالديوبندية والكوثرية والبريلوية فهم يقولون ببدعة القول بحياة الأنبياء عليهم السلام حياة دنيوية عنصرية.١ـ يقول الشيخ خليل أحمد السهارنفوري (١٣٤٦هـ) أحد كبار أئمة الديوبندية في جواب سؤال (الجواب عندنا وعند مشايخنا حضرة الرسالة صلى الله عليه وسلم حي في قبره الشريف وحياته دنيوية من غير تكليف وهي حاصلة لسائر المؤمنين بل لجميع الناس كما نص عليه العلامة السيوطي في رسالته (إنباء الأذكياء بحياة الأنبياء) حيث قال: قال الشيخ تقي الدين السبكي: حياة الأنبياء والشهداء في القبر كحياتهم في الدنيا ولشيخنا شمس الإسلام والدين محمد قاسم العلوم على المستفيدين قدس الله سره العزيز في هذا المبحث رسالة مستقلة دقيقة المأخذ بديعة المسلك لم ير مثلها قد طبعت وشاعت في الناس واسمها (آب حيات) أي ماء الحياة (١).٢ـ وصرح الشيخان أنور شاه الكشميري (١٣٥٢هـ) وشبير أحمد العثماني (١٣٦٩هـ) بأن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في قبره بأذان وإقامة (٢).٣ـ واحتج الشيخ محمد قاسم النانوتوي (١٢٩٧هـ) إمام الديوبندية والشيخ رشيد أحمد الجنوجوهي (١٣٢٣هـ) إمامهم الثاني والشيخ أشرف على التهانوي (١٣٢٣هـ) الذي لقبوه بـ (حكيم الأمة) لإثبات هذه البدعة بأن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لا تورث وأن أزواجه لا يحللن لأحد بعده فهذا دليل علي أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة عنصرية لكنه انعزل عن الناس كما ينعزل المعتكف أربعين يوما مثلا إلى آخر تلك الشبهات الواهيات (٣).٤ـ وقد استدل الكوثري لإثبات التوسل بالذات - التوسل البدعي - ببدعة القول بحياة الأنبياء عليهم السلام وهكذا الداجوي بل عامة القبورية (٤).قلت: عقيدة الأشعرية والديوبندية والكوثرية من الماتريدية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة دنيوية - عقيدة باطلة خرافية مخالفة لصريح القرآن وعقيدة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم الصديق رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته الأول رضي الله عنهم فقد قال (بأبي أنت وأمي يا نبي الله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة الأولى التي كتب عليك فقد متها) وفي رواية (طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده! لا يذيقك الله الموتتين أبدا) ثم خطب وقال (أما بعد ألا من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله - فإن الله حي لا يموت) ثم استدل بقوله تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ


(١) ((المهند على المفند)) (٣٨ – ٣٩) وانظر ((خرافات المدني في نقشه)) (ص: ١٠٣).
(٢) ((فيض الباري)) (١/ ٨٣) ((فتح الملهم)) (٣/ ٤١٩) ((عقائد أهل السنة)) (ص: ١٦١).
(٣) انظر ((عقائد أهل السنة والجماعة الديوبندية)) (١٦٢ - ١٦٥) للمفتي عبد الشكور الديوبندي نقلا عن آب حيات ٢ ((الكوكب الدري)) (١/ ٤٢٣) ((الطهور)) (ص: ٤٩).
(٤) انظر ((مقالات الكوثري)) (ص: ٣٨٧) ((بصائر الداجوي الديوبندي)) (ص: ٣٦ - ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>