للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحكم في باب ذاته وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين، والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء، وخلفاء الرسل، وأعلام الهدى، ومصابيح الدجى.

الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا.

الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء، فضلاً عن سائر الأمم الذين لا كتاب لهم.

وأحاطوا من حقائق المعارف وبواطن الحقائق بما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيى من يطلب المقابلة.

ثم كيف يكون خير قرون الأمة أنقص في العلم والحكمة - لاسيما العلم بالله وأحكام أسمائه وآياته - من هؤلاء الأصاغر بالنسبة إليهم؟؟.أم كيف يكون أفراخ المتفلسفة، وأتباع الهند، واليونان وورثة المجوس، والمشركين، وضلال اليهود، والنصارى، والصابئين وأشكالهم وأشباههم - أعلم بالله من ورثة الأنبياء وأهل القرآن والإيمان؟؟!! " (١).

٢ - وقال شيخ الإسلام أيضاً: "فإن معرفة مراد الرسول، ومراد الصحابة هو أصل العلم، وينبوع الهدى.

وإلا فكثير ممن يذكر مذهب السلف، ويحكيه لايكون له خبرة بشيء من هذا الباب.

كما يظنون أن مذهب السلف في آيات الصفا، وأحاديثها أنه لا يفهم أحد معانيها، لا الرسول، ولا غيره ... ؛فيجعلون مضمون مذهب السلف أن الرسول بلغ قرآناً لا يفهم معناه. بل تكلم بأحاديث الصفات وهو لا يفهم معناها. وأن جبريل كذلك، وأن الصحابة والتابعين كذلك، وهذا ضلال عظيم، وهو أحد أنواع الضلال، ظن أهل التخييل، وظن أهل التحريف، والتبديل، وظن أهل التجهيل" (٢).

٣ - وقال: أما المنحرفون عن طريقهم - (أي السلف) - فهم ثلاث طوائف: أهل التخييل، وأهل التأويل، وأهل التجهيل".

ثم فصل القول في الرد على أهل التخييل والتأويل ثم قال:"وأما الصنف الثالث - وهم أهل التجهيل فهم كثير من المنتسبين إلى السنة وأتباع السلف، يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعرف معاني ما أنزل الله إليه من آيات الصفات ولا جبريل يعرف معاني الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك، كذلك قولهم من أحاديث الصفات: إن معناها لا يعلمه إلا الله. مع أن الرسول تكلم بها ابتداء، فعلى قولهم تكلم بكلام لا يعرف معناه" (٣).٤ - وقال أيضاً: "والمقصود هنا التنبيه على أصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلالة في باب العلم والإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن من جعل الرسول غير عالم بمعنى القرآن الذي نزل إليه، ولا جبريل - جعله غير عالم بالسمعيات، ولم يجعل القرآن هدى، ولا بياناً للناس ثم هؤلاء ينكرون العقليات في هذا الباب بالكلية، فلا يجعلون عند الرسول، وأمته في باب معرفة الله عز وجل لا علوماً عقلية ولا سمعية، وهم شاركوا الملاحدة في هذه من وجوه متعددة، وهم مخطئون فيما نسبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى السلف من الجهل، كما أخطأ في ذلك أهل التحريف، والتأويلات الفاسدة وسائر أصناف الملاحدة (٤).

٥ - وقال الإمام ابن القيم:


(١) ((الحموية)) (ص ١٣ - ١٦)، ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٥/ ٨ - ١٢)، و ((ضمن مجموعة الرسائل الكبرى)) (١/ ٤٢٧ - ٤٢٩)، مع سقط وقع في النص ونقله ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (١/ ١٦١ - ١٧٠)، و ((انظر درء التعارض)) (٥/ ٣٧٨ - ٣٧٩).
(٢) ((شرح حديث النزول)) (ص ٦٥)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٥/ ٤١٣ - ٤١٤).
(٣) ((الحموية)) (ص ٣٦ - ٤٠)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣١ - ٣٥)، وانظر أيضاً ((الصواعق المرسلة)) (٢/ ٤١٨ - ٤٢٤) ((النفائس)) (ص ١٠٥ - ١٠٨).
(٤) ((الحموية)) (ص ٤٣)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣٧) ((النفائس)) (ص ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>