ولم لم يقولوا: إن ظاهرها موهم للتشبيه، أو ظاهرها غير مراد ونحوه؟ فهؤلاء إذا لم يفهموا من نصوص الصفات التي أثبتوها - تشبيه الله بخلقه- كان يجب عليهم أن لا يفهموا التشبيه من نصوص الصفات التي نفوها، كعلوا الله تعالى خلقه، واستوائه على عرشه، ونزوله إلى السماء الدنيا وغضبه، ورضاه، ووجهه، ويديه، ونحوها.
فإثبات بعض الصفات، ونفي بعضها، وتأويل بعض النصوص وعدم تأويل بعضها ليس إلا تناقضاً واضطراباً؛ وهومذهب ليس له قاعدة ولا ميزان؛ وموقف منهار؛ ولا مخلص لهم من هذا التناقض والاضطراب إلا أن يرجعوا إلى العقيدة السلفية التي ليس فيها إفراط ولا تفريط، من تشبيه وتعطيل.
وأن يثبتوا جميع الصفات الكمالية الواردة في الكتاب والسنة وفق المنهج السلفي، وهو إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تحريف ولا تعطيل، وإلا يلزمهم نفي ما أثبتوه من بعض الصفات أيضاً؛ بل نفى الأسماء الحسنى كلها بل نفي وجود الله تعالى لأجل شبهة التشبيه حتى يكونوا من غلاة غلاة غلاة المعطلة، ومع ذلك لا يمكن لهم التخلص من التشبيه مهما غالوا في نفيه؛ لأنهم سيقعون في تشبيه الله تعالى بالمعدومات، بل الممتنعات في آخر المطاف، ولابد من ذلك لهم إلا بالرجوع إلى العقيدة السلفية.
هذا، ولكثير من العلماء نصوص مهمة في بيان تناقضهم، واضطراب موقفهم نذكرها في وجوه إبطال التأويل إن شاء الله تعالى.
الحاصل: أن الماتريدية لما أثبتوا بعض الصفات، ونفوا بعضها بشبهة التشبيه، وظنوا أن ذلك مقتضى التنزيه - وقعوا في التناقض حيث أثبتوا بعضها، ونفوا بعضها مع أن القول في جميعها واحد، ثم لم ينجوا من التشبيه حيث وقعوا فيه بعد ما عطلوا بعضها وحرفوا نصوصها، لآن مالها إلى التشبيه قبل التأويل وبعده لازم ولا نجاة منه إلا بالمنهج السلفي الذي هو إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل، والحمد لله.