للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبين أن من قال: "لا هو في العالم ولا خارج منه".

فقوله فاسد خارجٌ عن طريق النظر، والخير، وأنه قد رد خبر الله نصاً.

ولو قيل له: "صفة بالعدم".

ما قدر أن يقول أكثر منه ... ، وأنهم قالوا: "هذا هو التوحيد الخالص".وهو النفي الخالص، فجعلوا "النفي الخالص" هو "التوحيد الخالص"، وهذا الذي قاله - ابن كلاب- هو الذي يقوله جميع العقلاء الذين يتكلمون بصريح العقل، بخلاف من تكلم في المعقول بما هو وهم وخيال فاسد" (١).٥ - الإمام أبو الحسن الأشعري (٣٢٤هـ) إمام الأشعرية، والذي جعله كثير من الحنفية، ومنهم الكوثري حنفياً (٢).

فقد قال هذا الإمام في الرد على الجهمية نفاة الصفات ولاسيما صفة "العلو":

" ... فلم يثبنوا له وصفهم حقيقةً، ولا أوجبوا له بذكرهم إياه وحدانيةً، إذ كلّ كلامهم يؤول إلى التعطيل، وجميع أوصافهم تدل على النفي، يريدون بذلك "التنزيه"، ونفي "التشبيه" على زعمهم. فنعوذ بالله من "تنزيه" يوجب النفي والتعطيل" (٣).

قلت: في كلام هذا الإمام عبرة للماتريدية والأشعرية جميعاً، فاعتبروا يا أولي الأبصار.٦ - السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي (٤٢١هـ) الملك العادل، وفاتح بلاد الهند والسند، وكاسر الأصنام، الملقب بـ"يمين الدولة" و"أمين الملة" فله قصة مع ابن فورك (٤٠٦هـ) الذي قال فيه ذهبي العصر العلامة المعلمي (١٣٨٦هـ) ما قال (٤).

فقد نفى ابن فورك - أمام هذا السلطان - "فوقية" الله تعالى، ووافق الجهمية، وخرج من الجماعة وكابر العقل الصريح وناقض النقل الصحيح وعاند الفطرة السليمة، فوصف الله بصفة المعدوم بل الممتنع.

فقال له السلطان:"فلو أردت أن تصف المعدوم كيف تصفه بأكثر من هذا" (٥).وقال له أيضاً: "فرق لي بين هذا "الرب" الذي تصفه، وبين "المعدوم" (٦).

٧ - وقال الإمام حافظ المغرب ابن عبدالبر (٤٦٣هـ)." ... وهم - (أي "المعطلة") ... نافون للمعبود "يلاشون أي يقولون: لا شيء" (٧) والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهم أئمة الجماعة ... " (٨).

٨ - شيخ الإسلام (٧٢٨هـ).

حَصْرُ كلام شيخ الإسلام في بيان أن قول المتكلمين: "إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا تحت ... ".

صريح في كون الله معدوماً ممتنعاً بشهادة بداهة النظر والفطرة-: صعبٌ.

وله تحقيقات بديعة إلى الغاية تسر الخواطر وتقر النواظر.

وأكتفي بالإحالة إلى بعض مؤلفاته القيمة فليرجع القارئ إليها.

يا منكراً أن الإله مباين ... للخلق يا مفتون بل يا فاتن

هب قد ضللت فأين أنت؟ فإن تكن ... أنت المباينَ فهو أيضاً بائن

أو قلت: لست مبايناً قلنا: إذن ... بالاتحاد، أو الحلول تشاحن

أو قلت: ما هو داخل، أو خارج ... هذا يدل بأن ما هو كائن

إذ قد جمعت نقائصاً ووصفته ... عدما بهاهل أنت عنها ضاعن


(١) ((درء التعارض)) (٦/ ١١٢).
(٢) انظر: ((الجواهر المضيئة)) (٢/ ٥٤٤)، و ((طبقات طاش كبرى زاده)) (ص ٥٥)، و ((تعليقات الكوثري على تبين كذب المفتري)) (ص ١١٧).
(٣) ((الإبانة)) (٢/ ١١٧)، تحقيق د/ فوقية، و (ص ٩٢)، تحقيق الأرناؤوط، ط/ دار البيان و (ص ١٢٦)، ط/ الجامعة الإسلامية.
(٤) انظر: ((التنكيل)) (١/ ٢٦، ٢٤٢، ٢/ ٣٤٥)، و ((الفائدة إلى تصحيح العقائد)) (ص ١٧٣).
(٥) ((التدمرية)) (ص ٦٠)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٣/ ٣٧)، و ((درء التعارض)) (٦/ ٢٥٣) و ((الصواعق المرسلة)) (٤/ ١٢٨٧).
(٦) ((التدمرية)) (ص ٦٠)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٣/ ٣٧)، و ((درء التعارض)) (٦/ ٢٥٣) و ((الصواعق المرسلة)) (٤/ ١٢٨٧).
(٧) ((زيادة من الصواعق المرسلة)) (٤/ ١٢٨٩)، ولم أجدها في التمهيد لابن عبدالبر.
(٨) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٧/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>