للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: بعد هذا كله تبين بلا ريب للمسلمين طالبي الحق والإنصاف أن الكوثري كذاب بهات أفاك فيما يفتري على الله ورسوله وأئمة الإسلام وغيرهم حيث يقول متحدياً:"ولم يقع ذكر الجهة في حق الله سبحانه في كتاب الله ولا في سنة رسوله ولا في لفظ صحابي أو تابعي، ولا في كلام أحد ممن تكلم في ذات الله وصفاته من الفرق سوى أقحاح المجسمة، وأتحدى من يدعي خلاف ذلك أن يسند هذا اللفظ إلى أحد منهم بسند صحيح فلن يجد إلى ذلك سبيلاً فضلاً عن أن يتمكن من إسناده إلى الجمهور بأسانيد صحيحة ... " (١).

ويقرر الكوثري قول السبكي ويسكت عليه بعد ما ذكر قول الإمام ابن القيم "إن الله فوق سماواته ... نقول ما قاله ربنا".فقال السبكي وأقره الكوثري: "أين قال: ربنا أنه بائن من خلقه ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته؟ فقد نسبت إلى قول الله ما لم يقله" (٢).

قلت: عار وشنار على الكوثري وبعض الديوبندية حيث يبالغون في الثناء على هذا الخائن الظنين الذي غالب كلامه ثرثرة وكذب وطنين، ثم يصفونه بالتثبت والاحتياط والأمانة وأنه لا فلة فيه دراية ورواية وأنه لا لجواده كبوة ولا لصارمه نبوة.

مع أن نصوص الكتاب والسنة وأقوال سلف هذه الأمة وأئمة السنة بل نصوص كثير من أئمة الكلام صريحة في "الفوقية".

٣ - "الحَيِزّ":

وكذلك لفظة "الحيز" فالقول فيها كالقول في أخواتها من ألفاظهم الكلامية المجملة المدهشة التي يردون بها الحق أيضا ضمن ردهم للباطل. قال شيخ الإسلام: "وكذلك لفظ "المتحيز" إن أراد به أن الله تحوزه المخلوقات فالله أعظم وأكبر بل وسع كرسيه السموات والأرض .. ، وإن أراد به أنه منحاز عن المخلوقات، أي مباين لها، منفصل عنها ليس حالاً فيها، فهو سبحانه كما قال أئمة السنة، فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه" (٣).

٤ - "المكان":

وهكذا لفظ "المكان" لا ننفيه ولا نثبته حسب قاعدة السلف المذكورة بل نفصل فيه ونستفسر قائله فنقبل المعنى الحق ونرد المعنى الباطل، ولا نفعل كما يفعل طوائف المعطلة من نفيهم علو الله تعالى على خلقه ضمن نفيهم للمكان عن الله تعالى.

قال شيخ الإسلام: " ... ومنهم من لا يفهم قول الجهمية بل يفهم من النفي معنى صحيحاً ... مثل أن يفهم من قولهم: "ليس في جهة" ولا له "مكان" ولا هو "في السماء".أنه ليس في جوف السماوات - وهذا معنى صحيح وإيمانه بذلك حق - ولكن يظن أن الذين قالوا هذا النفي اقتصروا على ذلك، وليس كذلك بل مرادهم، أنه ما فوق العرش شيء أصلاً ولا فوق السماوات إلا عدم محض، وليس هناك إله يعبد، ولا رب يدعى ويسأل، ولا خالق خلق الخلائق، ولا عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه أصلاً هذا مقصودهم" (٤).


(١) ((تبديد الظلام)) (ص ١٠١ - ١٠٢).
(٢) ((السيف الصقيل مع تبديد الظلام)) للكوثري (ص ٢٢).
(٣) ((التدمرية)) (ص ٦٧ - ٦٨)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٣/ ٤٢)، وانظر ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٣٨ - ٤٠)، و ((درء التعارض)) (١/ ٢٥٣ - ٢٥٤)، والتسعينية ((ضمن الفتاوى الكبرى)) (٥/ ٤ - ٥، ٢٣ - ٣١).
(٤) ((نقض المنطق)) (ص ٥٠)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٤/ ٥٨ - ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>