للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث عشر – إن صاحب البدعة الساعي للفرقة تنزع منه العصمة، ويبعد عن الرحمة، ويوكل إلى نفسه قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران: ١٠٢ - ١٠٣].فأشعر أن الاعتصام بحبل الله هو تقوى الله حقا، وأن ما سوى ذلك تفرقة لقوله: وَلاَ تَفَرَّقُواْ والفرقة من أخس أوصاف المبتدعة لأن خرج عن حكم الله وباين جماعة أهل الإسلام (١).

الرابع عشر – ما يلقى المفارق للجماعة من الذل في الدنيا والغضب من الله

قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ [الأعراف: ١٥٢]. فالآية وإن كانت في شأن عباد العجل من بني إسرائيل، ولكن قوله: وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ عموم فيهم وفيمن أشبههم من حيث كانت البدع كلها افتراء على الله. فكل من ابتدع في دين الله فهو ذليل حقير بسبب بدعته، وإن ظهر لبادي الرأي في عزه وجبروته فهم في أنفسهم أذلاء، وما العز الذي ينالوه إلا بسبب ملازمتهم للسلاطين واللوذ بأهل الدنيا، أما من لم يقدر على ذلك فهو ذليل مستخف ببدعته عن الجمهور (٢). ومن ذلة أهل البدع والفرقة ما جاء في النهي عن توقيرهم ومجالستهم ومخالطتهم (٣).

الخامس عشر – أن هذا المبتدع المفرق لجماعة المسلمين المفارق لصراطه المستقيم عليه إثم من عمل ببدعته وسار على ضلالته إلى يوم الدين، فياله من إثم عظيم ووزر ثقيل؟! (٤).

قال تعالى: لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ [النحل: ٢٥].وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء)) (٥).


(١) انظر ((الاعتصام)) للشاطبي (ص٨٩ - ٩٠).
(٢) انظر ((الاعتصام)) (ص١٠١ - ١٠٢)، وانظر الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالسيف بين يدي الساعة لابن رجب الحنبلي (ص٨٩ - ٩٠).
(٣) انظر ((الاعتصام)) (ص٩٠).
(٤) انظر ((الاعتصام)) (ص٩٧).
(٥) رواه مسلم (١٠١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>