للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاشرا – البعد عن رحمة الله، والوقوع في عذابه تعالىإن أهل الفرقة بعيدون عن رحمة الله تعالى، إذ الرحمة تكون لأهل الاتفاق والائتلاف من الأمة، قال تعالى: وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [هود: ١١٨ - ١١٩]. فأهل الاختلاف المذكورين في الآية مباينون لأهل الرحمة (١)، معرضون لعذاب الله, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجماعة رحمة، والفرقة عذاب))، فالفرقة وأهلها بعيدون عن رحمة الله، واقعون في عذاب، معرضون أنفسهم لعقوبته تعالى.

الحادي عشر – جواز قتل المفارق المفرق للجماعة، وهدر دمهلقد أجاز الشرع الحكيم قتل المفارق لجماعة المسلمين الساعي لتفريقها إذا لم يندفع إلا بذلك، وما ذاك إلا لخطورة فعله على الأمة، بل وجعل دمه هدرا لا دية ولا قصاص فيه (٢).قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون هنات وهنات (٣)، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان)). (٤) وقال أيضا: ((من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه)) (٥).

الثاني عشر – تسلط الشيطان عليه وملازمته له

إن شأن كل معرض عن الحق، مقبل على هواه مخلد إلى دنياه, شأنه أن يكون وليا للشيطان، تابعا له، يقول الله عز وجل: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف: ١٧٥ - ١٧٦].قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)). (٦) وقال أيضا: ((يد الله مع الجماعة، فإذا شذ الشاذ منهم اختطفته الشياطين كما يختطف الشاة ذئب الغنم)) (٧).

فليحذر المفارق للجماعة، الساعي في تفريق كلمة المسلمين، والعامل على شق عصا الطاعة، فليحذر المفارق للجماعة، والساعي في تفريق كلمة المسلمين، والعامل على شق عصا الطاعة، فليحذر من استزلال الشيطان إياه، وتزيينه له عمله، وليعد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليلزم الصراط المستقيم، جماعة المسلمين، وليكن وليا من أولياء الرحمن، وليبعد عن حزب الشيطان.


(١) انظر ((الاعتصام)) (ص٤٤٢).
(٢) انظر ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (١٢/ ٢٤١).
(٣) الهنات جمع هنه وتطلق على كل شيء، والمراد بها هنا: الفتن والأمور الحادثة. انظر شرح ((صحيح مسلم)) (١٢/ ٢٤١).
(٤) رواه مسلم (١٨٥٢)
(٥) رواه مسلم (١٨٥٢).
(٦) رواه الترمذي (٢١٦٥) وأحمد (١/ ٢٦) (١٧٧) والنسائي في ((الكبرى)) (٥/ ٣٨٧) وابن حبان (١٠/ ٤٣٦) (٤٥٧٦) والحاكم (١/ ١٩٧) (٣٨٧)، قال الترمذي حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقال الحاكم صحيح على شرطهما ومثله قال الذهبي، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (٧/ ١٢٠) إسناده صحيح، وصححه الألباني.
(٧) رواه الطبراني (١/ ١٨٦) (٤٩٢) وقال الهيثمي في ((المجمع)) (٥/ ٢١٨) فيه عبد الأعلى بن أبي المساور وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>