للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كي لا تذهب دولها كما ذهبت دولة اليهود ... الخ، والقسم الثاني يشتمل على الموضوعات العملية وهي ٢٥ نوعًا.

إلا أن للشيخ طنطاوي طريقة في تناول الآيات القرآنية، فهو يبدأ بالتفسير اللفظي لكل قسم من الأقسام التي أشرنا إليها، محاولًا أن يأتي بزبدة ما قاله المفسرون، فربما يأتي للآية الواحدة بأكثر من وجه، نلحظ ذلك في كثير من تفسيره ولنأخذ مثلًا هذه الآية من سورة (براءة)، {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [براءة: ١٢٢].

انظر كيف يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}، أي وما استقام لهم أن ينفروا جميعًا، لنحو غزو أو طلب علم، كما لا يستقيم لهم أن يقعدوا جميعًا، فإن ذلك يخل بأمر المعاش وبتوزيع الأعمال، كما أوضحناه في قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} فهلا نفر من كل جماعة كثيرة كقبيلة وأهل مصر أو قرية جماعة قليلة.

{لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} ليتكلفوا ويتجشموا مشاق تحصيل الفقه.

{وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} أي وليجعلوا غاية سبيلهم ومعظم قصدهم من تحصيل الفقه، أن يرشدوا قومهم (ينذرهم)، لا أنهم يترفعون على الناس ويتبسطون في البلاد.

{لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، إرادة أن يحذروا عما ينذرون، وإنما خص الفقه بالذكر لأنه أهم، وهناك وجه آخر، وهو أن الآية من بقية أحكام الجهاد، وذلك أن هذه الآيات لما فضح المنافقون فيها، وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السريا، نفر الناس كلهم للغزو، ولم يتخلَّف أحد فنزلت هذه الآية، وهي تقتضي أن ينقسم المسلمون إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>