للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أيها الأنصار، قال الله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: ٨]، ألم تكن فينا نحن المهاجرين؟ فقالوا: ألم تقرأوا قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩] فها نحن أولاء الصادقون، فلتكن معنا) (١).

ويتساءل الشيخ بعد هذا المثل - (أفلا يحق لنا أن نقول للمسلمين، الذين ضربتهم أوروبا ومزقت شملهم، وضحكت على أذقان عظمائهم- أيها المسلمون لم كرر الله ذكر السماوات والأرض؟ ولم ضرب المثل بشجرة تمتد من الأرض إلى السماء؟ ولم ذكر السماوات والأرض في كل مناسبة: في أول السورة على لسان نبينا، وفيها على لسان موسى، وعلى ألسنة جميع الأنبياء مع أممهم؟ ويعيدها في ضرب الأمثال ويكررها في كل حين؟ (٢). إن ذلك لأجل أن نتدبر ونتفكر، ونرتقي بواقعنا ونعرف أسرار الكون، لنواكب تيار الحياة، ونتفوق في مضامير المعرفة.

وما أشد المرارة في نفس الشيخ حيث يتساءل:

(هل الخطاب بتسخير الكون، والإنعام بكل ما سأل الإنسان، استثني منه المسلمون؟ هل جعل الله الثمرات في الأرض خاصة بغير المسلمين؟ .

وهل الفلك التي تجري في البحر ما بين آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا، هل هذه السفن خاصة بالإفرنج؟ ! .

ويشتد الشيخ في الحكم على غفلة المسلمين، حيث يجعلها عين عبادة الأصنام وذلك استنتاجًا من دعاء إبراهيم عليه السلام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: ٣٥]، فهو يرى أن إبراهيم الذي كسر الأصنام، لا يمكن أن يداخله ميل إليها أو هوى لعبادتها، ولكنه يعني الاستعاذة من حصر الفكر وعمى القلب والأبصار عن عجائب الدنيا، وهذه كلها حالات ملازمة لعبادة الأصنام، فدعوة إبراهيم كانت استعاذة من ملازمة عبادة الأصنام، وليس منها نفسها. وتأمل كيف أن


(١) هذا ما ذكره الشيخ دون أن يشير إلى مصدره.
(٢) الجواهر جـ ٧ ص ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>