للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكننا إذا تخطينا هذه المواضع، وكنا على صلة بما تقرره مدرسة الشيخ حول كثير من مسائل التفسير، نجد أن صاحب الظلال يقف من كثير من هذه المسائل على طرفي نقيض مع أعلام هذه المدرسة -مؤسسها ومن جاء بعده- ولكنه في بعض هذه المسائل لا يعرض لآراء هذه المدرسة، وإن كان يخالفها في الرأي، وذلك كحديثه عند تفسير الآيات التي تذكر الملائكة والسحر ومقام إبراهيم، فمن المعلوم أن للشيخ ومن سلك منهجه آراء خاصة في هذه الأمور لا داعي لذكرها، ولكن صاحب الظلال في مواضع كثيرة يعرض بصراحة لهذه المدرسة مبديًا عدم ارتياحه لمنهجها في البحث تارة، وللنتائج التي توصلت إليها تارة أخرى، يقول سيد معلقًا على عبارة (علماء أوروبا الأحرار) التي أوردها صاحب المنار: يجب أن ننبه في الظلال إلى دلالة مثل هذه العبارات (الأحرار) في مدرسة الشيخ محمد عبده وتلاميذها فقد كانت المدرسة بجملتها متأثرة بمناهج تفكير وأفكار غربية غريبة على منهج التفكير الإسلامي الخاص، وكان هذا التأثر يجعلها تنظر إلى كتاب أوروبا المناهضين للكنيسة بوصفهم أحرارًا، وكذلك الكتّاب الذين يكتبون عن الديمقراطية والحرية الغربية، وكذلك الأوضاع الأوروبية، نظرة استحسان، وكانت تدعو إلى الأخذ بما تسميه (الصالح من هذه الأفكار والأوضاع) بناء على ذلك التأثر ... وهذا مزلق خطر كان يعطف عليه لورد كرومر وأمثاله من الصليبيين، والأمر في حاجة إلى نظرة أعمق وأوسع، وإلى استقلال واستغناء بالمنهج الإسلامي.

وها هو يعلق على ما قاله السيد رشيد رضا من أن الله أقام بناء الدعوة على أساس البراهين العقلية والعلمية المقنعة والملزمة يعلق سيد بقوله: (لا بد أن ننبه هنا إلى منهج مدرسة الأستاذ الشيخ محمد عبده المتأثرة بفلسفة غربية عن الإسلام وهي فلسفة ديكارت مما جعلها تركز تركيزًا شديدًا على العقل وتعطيه أكثر من مجاله في مسائل العقيدة، فلا بد أن نضيف إلى البراهين العقلية والعلمية البراهين الفطرية البديهية كذلك في هذا الدين، ومجاوبتها لكل الكينونة البشرية، بما فيها العقل والذهن (وعند قول السيد رشيد رضا بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عاهد المشركين في الحديبية

<<  <  ج: ص:  >  >>