للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على السلم والأمان حبًا للسلم ونشر دينه بالإقناع والحجة يقول سيد (هذا كلام صحيح إذا أريد به أن نشر العقيدة بالإقناع والحجة هو قاعدة هذه الحركة، ولكنه يتجاوز مداه المأمون حين يراد به أن الجهاد في الإسلام لا يكون إلا دفاعًا عن المسلمين، وأن السلم واجب في غير هذه الحالة كما يتجه المؤلف رحمه الله. (كما يذكر في أثناء حديثه عن الجهاد أن السيد رشيد رضا حاول أن يلم بحلقات سلسلة الأسباب التي أدت إلى الأحكام النهائية الواردة في سورة براءة، ولكنه لم يحاول أن يلم بأصل الاختلاف الجذري الدائم الذي ينشئ هذه السلسلة بحلقاتها (١) وهكذا يستمر معقبًا كلما سنحت له فرصة، فهو مثلًا لا يرضى بتفسير الشيخ محمد عبده (للنفاثات والحسد) ويقول إن هذا من ميل المدرسة العقلية لتضييق نطاق الغيبيات.

ولكننا إذا أردنا تفصيلًا شاملًا وبحثًا وافيًا، لرأي صاحب الظلال في المدرسة العقلية كما يسميها فإننا نجد ذلك كله عند تفسيره لسورة الفيل ويقول سيد رحمه الله (٢):

(ويرى الذين يميلون إلى تضييق نطاق الخوارق والغيبيات وإلى رؤية السنة الكونية المألوفة تعمل عملها، أن تفسير الحادث بوقوع وباء الجدري والخصبة أقرب وأولى، وأن الطير قد تكون هي الذباب والبعوض التي تحمل الميكروبات فالطير هو كل ما يطير (ثم يسوق ما قاله الشيخ محمد عبده في تفسيره للسورة والذي يختمه بقوله:

(ونحن لا نرى أن هذه الصورة التي افترضها الشيخ الإمام ... أو تلك. التي جاءت بها بعض الروايات من أن الحجارة ذاتها كانت تخرق الرؤوس والأجسام .. لا نرى أن هذه الصورة أو تلك أدل على قدرة الله ولا أولى بتفسير الحادث ... إنّ


(١) الظلال (٣/ ١٥٨٧، ١٥٨٨).
(٢) (٦/ ٣٩٧٦ - ٣٩٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>