للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن الكلام تم عند قوله -تعالى-: {وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} ثم يبدأ من قوله: (ومن هادوا سماعون للكذب). وعلى هذا التقدير فقوله (سماعون) صفة محذوف. والتقدير: (ومن الذين هادوا قوم سماعون) (١).

قال الجمل: الأولى والأحسن أن يكون قوله: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} معطوفًا على البيان وهو قوله: {مِنَ الَّذِينَ قَالوا آمَنَّا .. } فيكون البيان بشيئين المنافقين واليهود. أما على القول الثاني فيكون البيان بشيء واحد وهو المنافقون) (٢).

وقوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} صفتان أخريان لأولئك الذين يقعون في الكفر بسرعة ورغبة.

وقوله (سماعون) جمع سماع. وهو صيغة مبالغة جيء بها لإفادة أنهم كثيرو السماع للكذب، وأنهم لفساد نفوسهم يجدون لذة في الاستماع إليه من رؤسائهم وأحبارهم، ومن هم على شاكلتهم في العناد والضلال.

واللام في قوله: (للكذب) للتقوية أي: أنهم يسمعون الكذب كثيرًا سماع قبول وتلذذ، ويأخذونه ممن يقوله من أعداء الإسلام على أنه حقائق ثابتة لا مجال للريب فيها.

وقيل إن اللام للتعليل أي أنهم كثيرو السماع لكلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولأخباره من أجل الكذب عليه، عن طريق تغيير وتبديل ما سمعوه، على حسب ما تهواه نفوسهم المريضة.

وقوله: {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} بيان لمسلك آخر من مسالكهم الخبيثة بعد بيان احتفالهم بالأخبار الكاذبة وتقبلها بفرح وسرور.

أي: إن هؤلاء المسارعين في الكفر من المنافقين واليهود من صفاتهم أنهم


(١) تفسير الرازي جـ ١١ ص ٢٣٢.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين جـ ١ ص ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>