أي: إن أمر هؤلاء اليهود لمن أعجب العجب، لأنهم يحكمونك -يا محمد- في قضاياهم مع أنهم لم يتبعوا شريعتك. ومع أن كتابهم التوراة قد ذكر حكم الله صريحا واضحًا فيما يحكمونك فيه.
فالاستفهام في قوله:"وكيف يحكمونك" للتعجب من أحوالهم، حيث حكّموا من لا يؤمنون به، في قضية حكمها بين أيديهم، ظنًّا منهم أنه سيحكم بينهم بما اتفقوا عليه، مما يرضي أهواءهم وشواتهم.
وقوله:"وعندهم التوراة" جملة حالية من الواو في "يحكمونك" والعامل ما في الاستفهام من التعجيب.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت "فيها حكم الله" ما موضعه من الإعراب؟ قلت: إما أن ينتصب على أنه حال من التوراة. وهي مبتدأ والخبر (عندهم)، وإما أن يرتفع خبرًا عنها كقولك: وعندهم التوراة ناطقة بحكم الله. وإما أن لا يكون له محل وتكون جملة مبنية؛ لأن عندهم ما يغنيهم عن التحكيم كما تقول: عندك زيد ينصحك ويشير عليك بالصواب فما تصنع بغيره؟ (١)
وقوله "ثم يتولون من بعد ذلك" معطوف على "يحكمونك".
وجاء العطف بثم المفيدة للتراخي، للإشارة إلى التفاوت الكبير بين ما في التوراة من حق، وبين ما هم عليه من باطل ومخادعة.
واسم الإشارة "ذلك" يعود إلى حكم الله الذي في التوارة، والذي حكم به النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أي: كيف يحكّمونك يا محمد في قضاياهم والحال أنهم عندهم التوارة فيها