للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له سرائرهم، والفلق نور يكشف للعيان كل المبصرات فترى على حقائقها ومقاديرها، لا يزيع البصر في شيء منها ولا يطغى، والإنسان مهما يكن عالمًا فقد تخفى عليه حقائق من المعقولات فيزيغ فكره ويطغى.

٢ - ومناسبة أخرى، وهي أن الشر ظلام، وقد أجرى الله في فطر البشر تصور الشر كالظلام، وأجرى على ألسنتهم تشبيه الشر بالظلام: ذلك أن ما يلابس إحساسهم من الأنس بالنور والبشاشة له، هو عين ما يلابسه من الأنس والبشاشة للخير، وأن ما يضايقهم من وحشة الظلام وتوقع الهلاك فيه: هو عين ما يضايقهم من ذلك الشر.

تخصيص أنواع خطرة من الشر:

هذا كله في الشر على عمومه، ثم خصص تعالى من هذا العموم ثلاثة أنواع من الشر، لشدة تعلقها بحياة الإنسان وكثرة عروضها له، ويجيء أكثرها من أخيه الإنسان، ورتبها ترتيبًا بديعًا لا يستغرب في جنب بلاغة القرآن، ودقته في رعاية المراتب وتنسيقها في عرض الأذهان.

هذه هي الثلاثة:

الغاسق إذا وقب.

والنفاثات في العقد.

والحاسد إذا حسد.

مفردات:

(والغاسق) الليل المظلم، والمراد هنا المصيبة تطرق ليلًا وعلى غرة (ووقب) دخل في الوقب وهو النقرة في الشيء.

(والنفاثات) السواحر ينفش الريق، واللفظ جمع نفاثة كثيرة النفث.

(والعقد) جمع عقدة بيان لعادة السواحر المعروفة، من عقد الخيوط ونفث الريق عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>