يدخل بعضًا. والظلام يبدأ خفيفًا مشوبًا بأسفار من الشفق، أو من طبيعة الأرض، ثم يشتد ويحلولك حتى يغطي على كل شيء، فتلك التغطية هي الوقوب.
والوقوب على هذا الاحتمال منظور فيه إلى ظرفه الزماني.
وفائدة القيد حينئذ، أن تلك الحالة المصورة بهذه الجملة، هي التي يقع فيها الشرور من الآدميين وغيرهم، فالطارق يطرق، والسارق يسرق، والحيات تنهش، والضواري تفترس، وظلام الليل يستر ذلك كله، ويعين عليه، ويعوق عن الاستصراخ والاستنجاد.
والعرب تقول فيما يشير إلى هذا:(الليل أخفى للويل).
فالمستعاذ منه على هذا الاحتمال: شر يقع في زمان.
والاحتمال الثاني: أن الوقوب في حقيقته هو دخول شيء في شيء دخولًا حسيًا، فيقتضي ظرفًا مكانيًا، وما هذا الظرف إلا الأبنية والمساكن، والظلام حين يهجم يدخل المساكن فيملأها، ويكون دخوله فيها أبين من دخوله في الفضاء، وملؤه إياها أشد.
فالوقوب على هذا منظور فيه إلى ظرفه المكاني، لأن الشرور التي ترتكب في البيوت حين يغمرها الظلام أكثر مما يرتكب منها في الفضاء، خصوصًا من الآدميين، والمستعاذ منه على هذا الاحتمال شر يقع في مكان.
وعلى الاحتمالين لما كان الليل معوانًا لذوي الشر على شرهم، أضيف الشر إليه واستعيذ بالله منه.
النفاثات:
(والنفاثات) صفة إما للنفوس فتشمل الرجال والنساء، وتكون الاستعاذة من شر كل من يتعاطى هذا الفعل رجلًا كان أو امرأة، وإما للنساء. وخصصن بذلك لأن وقوع هذا الفعل منهن أكثر، وهن به أشهر.