وأن تأثير العين ليس من ذاتها. وإنما هو من النفس التي من وراء العين ولو كان التأثير من ذات العين لكانت كل عين ناظرة تحدث ذلك الأثر، وأن هذا التأثير لون من ألوان النفس: فإن كانت خيرة كان تأثيرها خيرًا، وإن كانت شريرة كان شرًّا.
فالنفث المذكور في الآية إن أثر فإنما يؤثر بالقوة النفسية التي من ورائه. والساحر لا ينفث من نفسه الخبيثة إلا نفث الشر؛ لأن الشر هو صفته الطبيعية، كالحية لا تنفث الترياق، وإنما تنفث السم، وكالعدو يلقاك بطعن الأسل لا بطعم العسل؛ ، إذ كان ذلك من طبيعة العداوة.
هذا نفث الشر من النفوس الشريرة كنفوس السحرة.
نفث المؤمن:
وأما النفوس الخيرة الطيبة، كنفوس المؤمنين فإنها تنفث الخير للخير.
وفي الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم -.
نفث الرسول:
كان إذا آوى إلى فراشه جمع بين كفيه ثم نفث فيهما، وهو يقرأ المعوذتين ثم مسح بهما ما استطاع من بدنه يبدأ برأسه ووجهه يفعل ذلك ثلاث مرات" فهذا نفث الخير من خير نفس خلقها الله.
ثم قالت في تمامه: "فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك".
وفي رواية: "كان يقرأ بالمعوذات فلما ثقل كنت أنفث عليه بهذا، وأمسح بيد نفسه رجاء بركتها".
وفي رواية مسلم عنه: "أنه كان يفعل ذلك إذا مرض أحد أهله" (١).
فهذه الأحاديث - ثابتة صحيحة - تثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ المعوذات، وينفث حين القراءة نفث الخير قطعًا.
(١) وما أجملها من رقية تقوي الأثر النفسي عند المريض. وتساعد الدواء المادي على عاجل الشفاء.