كلام نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - المبين له، فكثير من متون الكتاب والسنة الواردة في معضلات الكون ومشكلات الاجتماع، لم تفهم أسرارها ومغازيها إلا بتعاقب الأزمنة، وظهور ما يصدقها من سنن الله في الكون. وكم فسرت لنا حوادث الزمن واكتشافات العلم من غرائب آيات القرآن، ومتون الحديث، وأظهرت منها للمتأخرين ما لم يظهر للمتقدمين، وأرتنا مصداق قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في وصف القرآن:"لا تنقضي عجائبه".
الحوادث والمكتشفات كاشفة عنه:
والعلماء القوامون على كتاب الله وسنة رسوله لا يتلقونها بالفكر الخامد، والفهم الجامد. إنما يترقبون من سنن الله في الكون وتدبيره في الاجتماع ما يكشف لهم عن حقائقهما، ويكلون إلى الزمن وأطواره تفسير ما عجزت عنه أفهامهم.
وقد أثر عن جماعة من فقهاء الصحابة بالقرآن قولهم في بعض هذه الآيات: لم يأت مصداقها أو تأويلها بعد: يعنون أنه آت، وأن الآتي به حوادث الزمان، ووقائع الأكوان، وكل عالم بعدهم، فإنما يعطي صورة زمنه بعد أن يكيف بها نفسه.
هذا الخبر عند الناس:
ولو أننا عرضنا حديث التربة والريقة على طائفة من الناس مختلفة الأذواق متقسمة الحظوظ في العلم وسألناهم:
أية علاقة بين الشفاء وبين ما تعاطاه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أسبابه في هذا الحديث؟ .
فماذا تراهم يقولون؟
١ - يقول المتخلف القاصر:
تربة المدينة بريق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - شفاء ما بعده من شفاء.