للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا محال، في التراب مكروب، وفي الريق مكروب، فأنى يشفيان مريضًا؟ أو ينفسان عن مكروب؟ ! .

ويقول الكيماوي:

هاهنا تفاعل بين عنصرين، ودعوا التعليل، فالقول ما يقول التحليل.

٤ - ويقول ذوو المنازع القومية والوطنية، ولو كانوا يدينون بالوثنية:

آمنا بأن محمدًا رسول الله، فقد علم الناس من قبل أربعة عشر قرنًا أن تربة الوطن معجونة بريق أبنائه، تشفي من القروح والجروح، ليربط بين تربته وبين قلوبهم عقدًا من المحبة والإخلاص له، وليؤكد فيها معنى الحفاظ له والاحتفاظ به، وليقرر لهم من منن الوطن منه كانوا عنها غافلين، فقد كانوا يعلمون من علم الفطرة أن تربة الوطن تغذي وتروي، فجاءهم من علم النبوة أنها تشفي فليس هذا الحديث إرشادًا لمعنى طبي، ولكنه درس في الوطنية عظيم.

ولو أنصف المحدثون لما وضعوه في باب الرقي والطب، فإنه بباب "حب الوطن" أشبه.

وما نرى رافع العقيرة بقوله (١):

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي أذخر وجليل

وهل أردن يومًا مياه مجنة ... وهل تبدون لي شامة وطفيل

إلا سائرًا على شعاعه:

وما ترى ذلك الغريب المريض الذي سئل فيم شفاؤك؟ .

فقال: شمة من تربة اصطخر. وشربة من ماء نهاوند، إلا من تلامذة هذا الدرس (٢).


(١) تمثل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بهذين البيتين بعد الهجرة يحن إلى هذه الأماكن التي ذكرها ويتمنى أن يبيت بها ولو ليلة. والإذخر والجليل بنتان ومجنة موضع سوق للعرب في الجاهلية وبها مياه، وشامة وطفيل موضعان.
(٢) أي أن أصحاب المنازع الوطنية يستشهدون به أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>