للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاسد، الذي قامت به صفة الحسد، وهو الذي يحب أن تسلب النعم من غيره. وقد تلح به هذه الصفة الذميمة فتزين له سلب النعم حتى من نفسه، إذا توقف على ذلك سلبها من غيره (١) فهو لا يحب الخير لأحد، ويتمنى ألا يبقى على وجه الأرض منعم عليه.

منشأ الحسد:

وإنما ينشأ الحسد من العجب وحب الذات، فتسول له نفسه أن غيره ليس أهلًا لنعم الله، وكفى بهذا معاداة للمنعم (٢).

كل الشرور في إبليس:

والحسد شر تلازمه شرور: العجب، والاحتقار، والكبر. وقد جمع إبليس هذه الشرور كلها:

حسد آدم عجبًا بنفسه فقال: "أنا خير منه".

ورآه لا يستحق السجود احتقارًا له، فقال: "أهذا الذي كرمت علي؟ ! ثم تكبر ولم يسجد ورضى باللعنة والخزي.

ولا أشنع من صفة يكون إبليس فيها إمامًا! ! .

والحسد شر على صاحبه قبل غيره، لأنه يأكل قلبه، ويورق جفنه، ويقض مضجعه (٣) ولا يكون شرًّا على غيره، إلا إذا ظهرت آثاره بأن كان قادرًا على الإضرار، أو ساعيًا فيه، ولهذا قال تعالى: {إِذَا حَسَدَ} والمتمني للشيء لا يمنعه


(١) علي وعلى أعدائي.
(٢) معاداة واعتراض عليه سبحانه.
(٣) ولله در الشاعر أبي تمام:
اصبر على كيد الحسود ... فإن صبرك قاتله
النار تأكل نفسها ... إن لم تجد ما تأكله

<<  <  ج: ص:  >  >>