للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض، فإن الوظيفة الثانية إمداد النفوس وتقوية الأخلاق وتدعيم القلوب لتحفظ هذا الدستور وتحرسه.

* {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} فإذا تطهرت النفس وصفا القلب واستعدت الفطرة جاء دَور العلم وتلاه دَور الحكمة، والعلم تلقي المعلومات ودراستها، والحكمة إلقاء المعلومات وفيضانها وانتزاعها من النفس والروح، فأنت في مركز العَالم منفعل وفي مركز الحكيم فاعل وشتان ما بينهما وأولاهما من وسائل الثانية، فإذا فقه الإنسان المعلومات الحاضيرة وقويت ملكته العلمية، استدل بهذا الذوق العلمي على الكشف والتحقيق، فعلم ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيمًا.

أرأيت التدرج في هذا النسق البديع؟ يوضع النظام من السماء فتصقل النفوس لتلقيه، فتفقهه وتتعلمه، فتتذوقه وتفيض به، فتكشف المساتير وتبني المستقبل على أساسه، إن هذا لهو الفضل العظيم.

أو رأيتَ بعد ذلك كيف يجدد الزعيم الرباني أمته تجديدًا قويًّا ثابتًا؟ وكيف يسير هذا التجديد في خطوات متناسقة مأمونة العثار؟ إذا عرفت هذا فإن القائد لا يزال وسيظل قائمًا والخطوات مرسومة وما بقى إلا وظيفة الأمة وذلك ما سنتحدث عنه إن شاء الله (١).

٢ - وتحت عنوان (من وظائف الأمة الناهضة) فسّر الشيخ قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ... بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} [البقرة: ١٥٢ - ١٥٤] يقول:

قد علمت في الكلمة الأولى الإشارة في الآية الكريمة إلى وظيفة القائد وهنا ترى الإشارة إلى واجب الأمة.


(١) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية - السنة الرابعة - العدد ٩ في ١٩ ربيع أول ١٣٥٥ هـ/ ٩ يونيه ١٩٣٦ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>