وتستمد القوة في قوله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}[المدثر: ٣١].
وتستمد في النهاية النصر في قوله تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: ٤٠]، وهذا معنى خاص تنفرد به النهضة المستندة إلى جانب الله والإيمان به وسلوك سبيله لا يكون في غيرها من النهضات أبدًا، وتأمل قول الله تعالى:{فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}[النساء: ١٠٤].
وعلى ضوء هذا البيان نتفهم الآية الكريمة ونعرف منها وظائف الأمة وواجباتها في النهضة:
* {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} فالواجب الأول أن تستذكر الأمة دائمًا مثلها الأعلى وتجعله القائد في نهضتها والهادي في حيرتها، فيكون جزاء ذلك تأييد الله وتسديد الخطط ونجاح الغايات.
* {وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} والواجب الثاني أن تتعرف الأمة خطواتها ومدى نجاحها. وإذا كانت حقيقة الشكر استخدام النعمة فيما خُلقت له، فعلى الأمة أن تجعل النصر سبيلًا إلى نصر آخر؛ ولا تقف عند حد النصر الأول فإن مهمة المسلم أن يسير بالدنيا إلى منتهى الكمال الممكن لها، لا يلهيه نصر عن نصر ولا يشغله واجب عن واجب، وبذلك تنجو الأمة من دور الاستغلال والانتفاع الذي يلي غالبًا دور النصر والنعمة، وما تزال الأمة بخير ما دامت مجاهدة، فإذا انقلبت مستغلة فتلك أولى بوادر الانهزام.