للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا إن أعذب الأناشيد في أذن المجاهد المؤمن وأحلاها على قلبه ذلك الهتاف العالي المجيد: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} [البقرة: ١٥٤].

ولقد جمعت هذه الآية الكريمة في نسق واحد أركان النهضة، وهي المثل الأعلى في قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}.

والقوة المعنوية في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}.

والقوة المادية في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ}.

واعلم أنهما سبيلان لا ثالث لهما أولهما ما علمت وما يشير إليه قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} وهو سبيل البقاء والمجد وثانيهما ما يشير إليه قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: ١٩]، وهو سبيل الفناء والتدهور فأي سبيل من السبيلين تختار أمتنا؟ (١).

٣ - وبعد أن فسر الشيخ البنا فاتحة الكتاب على صفحات مجلة الشهاب قال تحت عنوان (تناسب وإنعام):

{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧]، ولا شك أن من تدبر الفاتحة الكريمة - وكل مؤمن مطالب بتدبرها في تلاوته عامة وفي صلاته خاصة - رأى من غزارة المعاني وجمالها، وروعة التناسب وجلاله، ما يأخذ بلبه، ويضيء جوانب قلبه. فهو يبتدى ذاكرًا تاليًا متيمنًا باسم الله الموصوف بالرحمة التي تظهر آثار رحمته متجددة في كل شيء، مستشعرًا أن أساس الصلة بينه وبين خالقه العظيم هو هذه الرحمة التي وسعت كل شيء. فإذا استشعر هذا المعنى ووقر في نفسه


(١) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية - السنة الرابعة - العدد ١٠ في ٣٦ ربيع أول ١٣٥٥ هـ/ ١٦ يونيه ١٩٣٦ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>