يضع مراقبة الله نصب عينيه وأن يهتف من أعماق قلبه مسترجعًا وأن يحقق معنى قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)} [البقرة: ١٥٦] وفي هذا التركيب العجيب من لطائف اللطائف وعوارف المعارف ما يدِق ويرِقْ وما هو بهذا النظام أليق وأخلق. وحسب الإنسان أن يذكر في صحيح أن لله بدؤه ولله نهايته ليكون لله ما بينهما:{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}[آل عمران: ١٥٤].
أما البشرى فقد أشارت إلى مضمونها الآية الكريمة في قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)} [البقرة: ١٥٧] سمعها عمر رضي الله عنه فقال: نعم العدلان ونعمت العلاوة.
والصلاة من الله على عبد: الثناء والتشريف والتكريم والرحمة والعفو وإغداق النعم ظاهرة وباطنة.
فالأولى إشارة إلى اللطائف الروحية ولهذا عبر عنها بلفظ الصلاة.
والثانية إشارة إلى اللطائف الحسية ولهذا عبَّر عنها بلفظ الرحمة، ومن جمع الله له هذه الصفات في الدنيا وهذه المنح في الآخرة فقد هدي إلى صراط مستقيم، ولنا في الصبر وثوابه والدوافع إليه كلمات أخرى إن شاء الله (١).
"فاعلم -يا أخي- أن الإيمانَ عقيدةٌ قلبيةٌ تخالط القلبَ وتستولي على النفس وتتملكَ الفؤاد فترى المؤمنَ ذاكرًا لعقيدته فانيًا فيها مضحيًا في سبيلها يراها في
(١) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية -السنة الرابعة - العدد ١٣ في ١٨ ربيع الثاني ١٣٥٥ هـ/ ٧ يوليو ١٩٣٦ م.