للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: ٤١].

اختلفوا في مرجع الضمير في قوله {صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} فبعضهم رجعه إلى الله أي إن الله يعلم صلاة كل واحد من هذه الأجناس وتسبيحه، ولكنّ القول الذي أختاره أن الضمير يرجع إلى كل من الأجناس والأفراد، أي كل واحد من هؤلاء ممن في السماوات والأرض ومن الطير، يعلم صلاته وتسبيحه، أي يعلم عبادته التي علمه الله، أو ألهمه إياها، وإنما اخترت هذا القول لأنه لا يترتب عليه محظور، لأن خاتمة الآية {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} وهذه الخاتمة تغني عن أن نفسر الآية بالقول الأول.

رابعًا: ومن الاختلاف في مرجع الضمير كذلك، قوله سبحانه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٦ - ٨].

فقد ذهب بعض المفسرين إلى أن الضمير في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} يرجع إلى الله تبارك وتعالى، ولكن يضعف هذا القول أنه يلزم عليه تفكيك الضمائر، فإنه وإن صح من حيث الصناعة رجوع الضمير إلى الله تعالى في قوله {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} فإنه لا يصلح رجوعه إلى الله في قوله {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} فعلى هذا التفسير يكون لكل من الضميرين مرجع، وهذا تفكيك للنظم، فالصحيح والمقبول والأليق بالنظم الكريم أن يكون الضميران عائدين إلى الإنسان أي إن الإنسان على ذلك لشهيد، وإنه لحب الخير لشديد.

خامسًا: ومن الآيات التي اختلف في تفسيرها المفسرون، قوله سبحانه {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: ٦١].

أهي في الجهاد كما جاء في سورة الفتح أم فيما يتعلق بشان الأكل، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>