للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في قوله سبحانه فيما بعد ... {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: ٦١].

ولقد استغل بعض المستشرقين هذا الخلاف بين المفسرين، فادعى أن الآية مقحمة هنا، مستندًا في دعواه الباطلة إلى نص ذكره الإمام البيضاوي، لكنّ هذا المستشرق حرف هذا النص عن موضعه.

وهذان القولان - أعني كون الآية في الجهاد، أو كونها تتصل بما ذكر من جواز الأكل من بيوت الذين ذكروا في الآية الكريمة - فيهما بُعد؛ أما الأول فلأنه ليس للجهاد ذكر في هذه الآيات، وأما الثاني، فإنّه لا تظهر هذه الرخصة في هذه الأصناف الثلاثة فيما يتصل بالأكل من البيوت، إلا بتكلّف بعيد؛ لذا رجح بعض المفسرين وهو ما أختاره أن أول هذه الآية تابع لما قبله من آيات الاستئذان وهذا هو المعقول في تفسير الآية الكريمة، لأن الآيات الثلاث قبل هذه الآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَال مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠)} [النور: ٥٨ - ٦٠] تتحدث عن الاستئذان وعن الرخصة للقواعد من النساء، ثم جاء مطلع هذه الآية متحدثا عن هذه الرخصة لهذه الأصناف.

سادسًا: قال تعالى: {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢)} [الفجر: ١ - ٢].

اختلف المفسرون في قوله "وليال عشر" فقال بعضهم إنها عشر ذي الحجة

<<  <  ج: ص:  >  >>