للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من الجهة الثانية فتتنقص الأرض من أطراف محيطها بوجه عام، فسطح الأرض ليس مستديرًا استدارة منتظمة بل إنه على شكل هرم مثلث نظرًا إلى توزيع اليابس والماء ولمقابله قارة إلى محيط، وتدعى هذه الظاهرة، بنظام (نتراهيدي) وذلك بالملاحظتين التاليتين:

أ- إذا لاحظنا توزيع القارات نرى أنها تتخذ شكل مثلث يتجه أحد رؤوسه إلى الجنوب، وهذا ظاهر واضح في أفريقيا والأمريكيّتَيْن، وإن كان هذا الأمر أقل ظهورًا في آسيا وأوروبا ومع ذلك فإن كلًّا منها تنتهي من الجنوب بأشباه جزر ثلاثة تتتهي برؤوس أيضًا.

ب- أن كل كتلة من اليابس يقابلها في الغالب من الناحية المضادة لها من سطح الأرض مساحة من المحيط أي إن كل ارتفاع قاري يقابله انخفاض وإن كان هذا النظام ليس مطردًا وفيه بعض الشذوذ، ولكنه مع ذلك ظاهر ظهورًا يستدعي الانتباه، فبينما القطب الشمالي يغمره المحيط، نجد القطب الجنوبي يابسًا مرتفعًا، وكذلك نرى معظم نصف الكرة الشمالي اليابس يقابله المحيطات العظيمة من الجنوب.

فالظاهرتان المذكورتان الدالتان على تناقص الأرض من أطرافها في كرويتها وثبوتها من الناحية العلمية ثبوتا قاطعا مما يسّر للأذهان تفسير الآيتين الكريمتين اللتين صدّرنا بهما هذا البحث تفسيرًا واضحًا لا شائبة فيه من تأويل بعيد عن ظاهر اللفظ، وألقى على المعجزة ضوءًا ساطعًا أنار الأفكار وآتاها قوة من الفهم لأسرار الآية الكونية العظيمة (نقص الأرض من أطرافها) وما يتبع ذلك من قواعد علمية تهدي البشر إلى حقيقة الكون ثم معرفة خالقه ومبدعه سبحانه وتعالى" (١).

وهناك لفتة بيانية في الآيتين أذكرها للقارئ وهي أنّ آية سورة الرعد جاءت


(١) ص ١٥٥ - ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>