ومع أن كلام أبي حيان لا غبار عليه ألبتة، لكننا وجدنا من بعض الكاتبين المحدثين، من يحمل حملةً قاسية على أبي حيان، يقول الدكتور محمد بن صالح الفوزان:"فهم السلف للقرآن حجة يحتكم إليه لا عليه، ولذا فإن ورود تفسير من تفاسيرهم مبني على فهمهم لغتهم يكون حجة يرجع إليها، وقد أغرب أبو حيان في تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}[يوسف: ٢٤] حيث قال: والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب، لأنهم قدّروا جواب (لولا) محذوفًا، ولا يدل عليه دليل، لأنهم لم يقدروا (لهمّ بها)، ولا يدل كلام العرب إلا على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط، لأن ما قبل الشرط دليل عليه، ولا يحذف الشيء لغير دليل عليه، فقوله رحمه الله: "والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب" قول غريب، فهل أبو حيان أعلم من السلف، الذين نزل بلغتهم القرآن - بكلام العرب؟ وهل أبو حيان أعلم بمعاني كلام الله منهم؟ كل هذا بغض النظر عن المرويات التي رويت عنهم، لأن المراد هنا هو قضية المنهج الذي انتهجه أبو حيان في هذه العبارة"(١).
إن أبا حيان قد رد ما روى عن السلف من روايات لا يقرها القرآن الكريم ولا السنة الشريفة، ولِمَ لا يكون أبو حيان أعلم باللغة من كثير منهم، ولا نعني هنا -بالطبع- الصحابة وكبار التابعين، لأن الروايات التي لا تليق بيوسف -صلى الله عليه وسلم- لم ترو عن هؤلاء وإنما رويت عمن جاء بعدهم، وكلمة السلف كلمة يمتد بها الزمن عشرات السنين، بل مئات السنين.
٣ - يقول المراغي في تفسير قوله تعالى:{وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ}[الصافات: ٧] أي وحفظنا السماء أن يتطاول لدرك جمالها، وفهم محاسن نظامها الجهال والشياطين المتمردون من الجن والإنس، لأنهم غافلون عن