للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع وجود قضايا مشتركة بين الكتابين -كما قلت- إلا أن الذي نودّ أن نقف معه كتاب الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق أما الكتاب الأول فعلى الرغم ممّا يشتمل عليه من قضايا كثيرة إلا أننا نكتفي هنا بالتنبيه على بعض الأمور التي يدركها القارئ لأول وهلة، من ذلك هذا الموقف الذي وقفته الكاتبة من علماء البلاغة وأئمة التفسير في القديم والحديث حتى قبل أن تخوض غمار التفسير أو الحديث عن الإعجاز. ولنستمع إليها وهي تحدثنا عن منهج شيخنا تقول: "وكان المنهج المتبع في درس التفسير -إلى نحو ربع قرن من الزمان- تقليديًا أثريًا لا يتجاوز فهم النص القرآني على نحو ما كان يفعل المفسرون من قديم، حتى جاء الامام الأستاذ أمين الخولي فخرج به عن ذلك النمط التقليدي وتناوله نصًّا أدبيًا على منهج أصله، وتلقاه عنه تلامذته وأنا منهم" (١).

ومن هذا المنطلق تستمر الكاتبة - وهذا ما يلحظه أي قارئ - لا تألو جهدًا ولا تجد فرصة ولا تدع صفحة إلا وتحاول فيها أن تنال من المفسرين قديمهم وحديثهم ومع أنها تكتب في التفسير البياني، إلا أنها في كل آية تأتي لحشد من الأقوال، سواء مما ذكره المفسرون واستحسنوه أم من الذي ذكروه ليردّوه، تأتي بهذه الأقوال جميعها لتنسبها إلى المفسرين على أنها أقوال مختارة لهم، وما نظن مثل هذا يتفق مع عرفان الجميل أو مع الأمانة العلمية.

ونضرب مثلًا لذلك بما ذكرته من أقوال كثيرة في تفسير قوله سبحانه: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} حيث ذكرت أربعة أقوال من تفاسير الباطنية. وقوله سبحانه {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} حيث نقلت عن المفسرين أن المذكور في الآية والذي سيعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- ألف قصر بما فيه من فرش ونساء وخدم. وليس المفسرون وحدهم الذين تقف منهم الكاتبة هذا الموقف وإنما علماء اللغة من نحويين وبلاغيين كذلك فأكثرهم كما تقول. طارئون على العربية لم يكسبوها ذوقًا


(١) التفسير البياني للقرآن، مقدمة الطبعة الأولى، ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>