للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعين النسخ بقوله تعالى في الآية بعدها .. {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ... وكذلك أشار الزمخشري في (الكشاف) إلى القول بنسخ الحكم بالإفطار والفدية على الذين يطيقونه ونقله أبو حيان وقال .. وهذا قول أكثر المفسرين.

على أن الإمام الطبري نقل كذلك، بعد القول بنسخ الحكم في الآية قول آخرين "لم ينسخ ذلك ولا شيء منه وهو حكم من لدن نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة" (١).

"القول بأن الحكم فيها نُسخ بالآية بعدها إنْ لم يوهنه ما نقل الإمام الطبري من قول من قرروا أنه لم ينسخ ذلك ولا شيء منه، وهو حكم مثبت من لدُن نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة فقد بقي أن الآيتين تشرعان لحالين مختلفين:

الفدية على من يطيقونه طعام مسكين.

والقضاء على من كان مريضًا أو على سفر عدةٌ من أيام أخر ... " (٢).

" ... فندرك أن الأمر في احتمال الصوم إذا جاوز الطاقة إلى ما لا يطاق سقط التكليف، لأنه لا تكليف شرعًا بما لا يطاق، والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها فالحكم بالفدية في الآية غير وارد على من يستطيعونه، إذ التكليف مع الاستطاعة قائم.

وغير وارد كذلك على من يطيقونه، بسقوط التكليف عمن لا يطيق.

وإنما الفدية تيسير على من لا يطيقونه، بمعنى يستنفد الصوم طاقتهم وأقصى احتمالهم، فليسوا بحيث يستطيعون القضاء عدة أيام أخر. ونقبل هنا قول من ذكروا


(١) الإعجاز البياني للقرآن ص ١٨١.
(٢) المرجع السابق ص ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>