للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تفسير الآية:

"المريض الذي لا يرجى شفاؤه والشيخ الفاني الهرم: لا قضاء عليه لأنه ليست له حال يصير إليها ليتمكن فيها من القضاء" (١).

وكلام الكاتبة الفاضلة، نفهم منه أن الإمام الطبري نقل القول بالنسخ ثم نقل بعده قولًا آخر بيّن فيه أن الآية محكمة إلى قيام الساعة، ورغم أن القول بالنسخ قاله أكثر العلماء - كما نقلت الكاتبة - إلا أنها ضعفته لأكثر من سبب ولعل في أولها توهين الإمام الطبري للقول بالنسخ، وأودُّ أن نتحاكم إليك أيها القاريء الكريم، فأنا والله أعجب وستعجب معي أو أكثر مني كذلك حينما تعرف ما قاله الطبري .. ومن المستحسن هنا أن نذكر كلمة موجزة عن منهج هذا المفسر العظيم، حينما يريد تأويل آية من كتاب الله يقول مثلًا .. القول في تأويل قوله تعالى .. {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} يفسر الآية بكلام يصوغه هو ثم يقول: ذكر من قال ذلك فيذكر الروايات بأسانيدها التي تؤيد ما فسر به الآية، ثم يقول وقال قوم كذا .. ذكر من قال ذلك. وهكذا يذكر ما في الآية الكريمة من أقوال وينقل الروايات التي تسند كل قول بعد ذلك يقول: وأولى الأقوال عندنا بالصواب قول من قال كذا .. وهذا منهج علمي قويم فالطبري رحمه الله بعد أن يذكر كل قول وما يؤيده من روايات يختار ما يرجحه مستدلًا لهذا الترجيح. وهذا ما اتبعه الطبري في هذه الآية فقد ذكر فيها أقوالًا عدّة اقتصرت الكاتبة على قولين القول بالنسخ وهو في الجزء الثاني صفحة (٧٧) والقول بعدم النسخ (صفحة ٧٩) وهو أن حكم الآية مثبت من لدن نزول الآية إلى قيام الساعة.

وهذه العبارة يوهم صنيع الكاتبة أنها رأي الطبري الأخير. وقد قلت لك إنك ستعجب أكثر من عجبي ولتستمع إلى ما قاله الطبري وأهملته الكاتبة وطوته ولكن لا تسلني لِمَ؟ فأنا مثلك لا أعلم بخفايا الناس. في صفحة (٨٢) يقول الطبري:


(١) صفحة ١٨٣، ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>