للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجم إذا هوى وإنما تحدثوا عن مطلق ليل ومطلق نجم وهذا ديدنهم قديمهم وحديثهم والثالثة الأخرى إن هؤلاء المفسرين جميعًا لم يفرقوا بين القسم بالواو وبين غيرها من صيغ القسم مثل لا أقسم .. وقد أدركت الكاتبة الفرق فمجيء القسم مقترنًا بحرف النفي دائمًا دليل على أن الله ليس -كما تقول- في حاجة إلى القسم.

وأخيرًا فما جاء بعد هذه الواو التي يسمونها واو القسم لا بدّ أن يكون أمرًا محسوسًا فهذا هو الغرض منه "فالصافات صفًّا والزاجرات زجرًا والتاليات ذكرًا" كذلك "الفارقات فرقًا والملقيات ذكرًا عذرًا أو نذرًا" وكذلك "المقسمات أمرًا والنازعات" كل هذه لا بدّ أن تكون أمورًا محسوسة لا يصح أن يراد بها الملائكة كما ذهب إليه كثير من المفسرين.

هذا هو خلاصة رأيها في ظاهرة القسم بالواو، ولنقتطع من كلامها بعضه ليطّلع عليه القاريء الكريم، تقول عند تفسير سورة الضحى: "ولقد ترددت في تأويل قوله تعالى: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} بـ"لا أقسم بالضحى وأقسم بالليل إذا سجى" لأن القرآن الكريم لا يستعمل القسم مسندًا إلى الله سبحانه. إلا مع "لا" النافية، باستقراء كل آيات القسم في القرآن. فكان لي من هذا الاستقراء، ما يؤذن بأنه سبحاته في غير حاجة إلى القسم" (١).

وعند تفسيرها لسورة النازعات ونقلها اختلاف العلماء في جواب القسم أين هو وما هو تقول: "ولا داعي عندنا لإطالة الوقوف عند هذه التأويلات، فليس القسم هنا على أصل وصفه اللغوي، وإنما يتم لنا بالمقطع الأول من السورة -بآياته الخمس- مشهد حسِّي وصورة مادية للخيل فيما تعاني من عنف النزع وقوة الجذب وشدة التجمع للإفلات والانطلاق، كي تحسم أمرًا أريدت له وتبت في مصير حشدت له قواها، وعانت في السبق إليه وما عانت من نزع وجذب، ومن تجمع وتقبض وتوثب، شأن النازع المغرق والسابح في غير مجال".


(١) التفسير البياني ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>