للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثير منهم كذلك لم يتحدث عن هذه الأشياء حديثًا مطلقًا، وإنما تحدث عنها وعن حكمة القيود التي قيدت بها فلم يتحدثوا عن النجم فحسب وإنما تحدثوا عن الحكمة بتقيده بقوله تعالى: {إِذَا هَوَى} كذلك حينما تحدثوا عن الضحى، لم يتحدثوا عن مطلق الضوء -كما زعمت- وإنما من ذلك الوقت الذي تكون به الشمس في شبيبة النهار كما يقول الشيخ محمد عبده. أما الصلة بين القسم وجوابه فلم يتكلف لها المفسوودْ ولم يتعسفوا فيها. والذي يقف مع النصوص القرآنية الكريمة يدرك التناسب والصلة بين قوله {وَالْعَادِيَاتِ} وبين قوله {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}. وبين قوله {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} وقوله {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. ثم ما الفرق بين هذا وبين ما جاء في لفظ القسم وبين ما جاء فيه من ذكر القسم صراحة مثل قوله سبحانه {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ}. أفيقال ما الصلة بين القسم بهذا البلد وبين قوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ}؟ والسؤال يظل مطروحًا حتى على الرأي الذي ذهبت إليه فيقال ما سرّ مجيء قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} بعد قوله {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}.

الحق أن القسم بالواو كما يرشد إليه الحس القرآني أولا وكما فهمه العرب الذين نزل فيهم القرآن ثانيًا وكما قرره أئمة البيان والتفسير ثالثًا لم يخرج وضعه الأساس الرئيس وإن خروج الخبر والأمر والنهي والاستفهام كان لأغراض ذات صلة وثيقة مباشرة بمعاني هذه الأشياء، فالاستفهام مثلًا حينما خرج إلى الإنكار أو التقرير كانت هذه المعاني لازمة للاستفهام لأن الذي يستفهم عن شيء إنما يستفهم عن شيء إنما يستفهم عنه لينكره أو يحث عليه أو ينتزع اعترافًا به من المخاطب، وكذلك يقال في غير الاستفهام.

إن ورود فعل القسم مقترنًا بـ"لا" (١) ليس دليلًا على أن الله ليس في حاجة إلى


(١) وما ذهبت إليه هو أن (لا) نافية وهذا أحد أقوال كثيرة وقد رجحنا غير هذا في بحثنا عن الزوائد وهو بحث نشر في مجلة (دراسات).

<<  <  ج: ص:  >  >>