للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسم -كما تقول الكاتبة- وكيف يتفق هذا مع قوله سبحانه فيهم {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: ٧٥ - ٧٦] وقد أقسم الله تبارك وتعالى بنفسه وهذا أعرابي يسمع قوله تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ}: "ويحهم من أغضب الجليل فاضطروه إلى الحلف" (١).

أما أن القسم بالواو لا يكون إلا في المحسوسات فترده آيات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال قوله سبحانه {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} , وأما أن الله تبارك وتعالى يذكر الناس بالليل والنهار الحكمة منهما دون الحاجة إلى القسم مثل آية القصص، فقول نعجب له فنحن نعلم أن القرآن الكريم لم يلتزم أسلوبًا واحدًا فيما أراد تقريره، حتى في قضايا الأحكام.

بقيت قضية هامة وهي قول الكاتبة "هل كان العربي الأصيل في عصر المبعث لا يجد فرقًا بين الآيات المبدوءة بواو القسم {وَالضُّحَى} .. وبين القسم الصريح (أقسم بالضحى) .. تريد الكاتبة أن تقول إن العربي كان يدرك الفرق بين لفظ القسم صراحة وبين ذكر الواو النائبة عن القسم ومن أجل هذا فسرت. والضحى "بـ أقسم بالضحى" والليل بـ أقسم بالليل" ولما كان هذا الفعل (أقسم) لم يذكر في كتاب الله تعالى إلا مقترنًا بالنفي استنتجت أن الواو قد خرجت عن هذا الأصل.

وللإجابة عن تساؤل الكاتبة نرشد القارئ إلى كتاب أبي إسحاق الجرمي "أيمان العرب في الجاهلية" وسيجد بنفسه أن العرب عرفوا هذه الواو ولم يخرجوا بها عن أصلها كما خرجوا في الأمر والنهي والاستفهام نذكر من ذلك مثلا: "لا والسماء، لا والماء لا والطارقات، لا والساعات"، لا والقمر الطاحي (٢) "، وقد اشتهر قولهم "وأبيك": إن العربي حينما كانت تطرق مسامعه هذه الواو كان يدرك أنها للقسم، وكان إذا أراد أن يقسم كان يستغني بهذه الواو كذلك. نعم يمكن أن يكون هناك


(١) راجع الكشاف للزمخشري ج ٤، ص.
(٢) كتاب إيمان العرب ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>