للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَجْدا) وقال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: ١٥] وقال تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: ٩] فانظر كيف تحول المعنى بالتصريف من الجور إلى العدل.

وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {سَوَّلَ لَهُمْ} [محمد: ٢٥] سهّل لهم ركوب المعاصي من السَّوَل وهو الاسترخاء, وقد اشتقه من السُّؤال من لا علم له بالتصريف والاشتقاق جميعًا.

وقال أيضًا: من بدع التفاسير أن (الإمام) في قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: ٧١] جمع (أُمّ) وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم لئلا يفتضح أولاد الزنا ...

وقال الراغب في قوله تعالى: {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة: ٧٢] هو تفاعلتم, أصله: تدارأتم، فأريد منه الإدغام تخفيفًا, وأبدل من التاء دال فسكن للإدغام فاجتُلبت لها ألف الوصل، فحصل على افّاعلتم.

وقال ابن جني: من قال: اتخذت افتعلت من الأخذ, فهو مخطئ قال: وقد ذهب إليه أبو إسحاق الزجاج وأنكره عليه أبو عليّ، وأقام الدلالة على فساده، وهو أنّ ذلك يؤدي إلى إبدال الهمزة تاء, وذلك غير معروف" (١).

وإذا كان هذا في أمر النحو والصرف، فإن معرفة البيان أعظم أثرًا وأشد حاجة, بل هو ضرورة ملحة؛ لأنه يتصل به إعجاز القرآن الكريم.

وإذا أردنا أن ندرك حاجة المفسّر الذي يريد أن يسمو في تذوق القرآن الكريم والغوص على معانيه، والتحليق في استخراج كنوزه، إلى أن يكون ذا بصيرة ودراية واطلاع ومعرفة بأساليب اللغة أقول إذا أردنا معرفة هذا كله فخير ما يرشدنا إلى هذا


(١) البرهان في علوم القرآن (١/ ٢٩٧).
ويرى المحققون أن الفعل تخِذ بالكسر على وزن شرِب.

<<  <  ج: ص:  >  >>