للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

شكا إليّ جملي طول السرى ... يا جملي ليس إليّ المشتكى

وقوله:

فازور من وقع القنا بلبانه ... وشكا إليّ بعبرة وتحمحم

وعشرات أخرى من الأمثلة التي ذكر بعضها ابن قتيبة نفسه في توضيح وأى المخالفين، فإذا ألف العربي أن ينطق الناقة والجمل والحصان والذباب الجبل بما يريد على سببل المجاز، فما خالف المتأولون مذهب العرب في شيء! وهم في ذلك لم يجنحوا إلى إنكار آية أو رفض حديث.

والعجب لا ينتهي من قول ابن قتيبة "وبمثل هذا النظر أنكروا عذاب القبر ومساءلة الملكين وحياة الشهداء عند ربهم، لأن البلغاء ممن اتضوا وجهة التأويل في الآيتين الكريمتين لم يتعرضوا لعذاب القبر، وسؤال الملكين وحياة الشهداء حين استشهدوا بالآيتين، وتلك أمور دينية تركوا للمتنطعين بحثها، فإذا أنكرها سواهم من ذوي الغرض فلماذا يقذفهم ابن قتيبة بما لم يقولوا؟ قد يكون من هؤلاء من أنكر عزيف الجن ورؤية الغيلان -كالجاظ- وذهب إلى تعليل ذلك بما بسطه في الحيوان وأنكره ابن قتيبة، ولكن إنكار عزيف الجن ورؤية الغيلان شيء وإنكار حياة الشهداء شئ آخر! إن ابن قتيبة من الحصافة بحيث لا يجيز له أن يخلط بين أمرين متباعدين، ولو قرأ ما كتب الجاحظ بقلب سليم لاقتنع به، وأنّى! وقد عدّه أكذب أهل الأرض ورماه بما هو منه بريء!

٢ - أما المثال الثاني يقول الله عز وجل {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} حيث أتبعه صاحب المشكل بقوله:

"إن الله عز وجل لما استخلف آدم على ذريته وسلطه على جميع ما في الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>