للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عنه - (أن بين النفختين أربعين) (١) وعند ابن مردويه (إنها أربعون سنة) (٢). فلا أدري بعد ذلك كله كيف استساغ المؤلف مثل هذا التأويل، مع مخالفته للسياق والمأثور؟ ! ).

٣ - رأيه في السماء الدنيا والسماوات السبع: وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦)} [الحجر: ١٦] يخطئ المفسرين الذين عدّوا السماء الدنيا، هي التي فيها الكواكب والنيرات وهي ذات الزينة، ويقول: (إن السماء الدينا هي الطبقات العليا، من جو الأرض، لأن كلّ ما علا فهو سماء).

وأنا غير مطمئن إلى ما ذهب إليه لأن هناك آيات كثيرة تدل على تزيين السماء، كآية فصلّت {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا} [فصلت: ١٢]، وآية المُلْك {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: ٥]. وآية الصافات {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: ٦]. ولا أظن عَدّ الطبقات العليا من جو الأرض سماءً قولًا تساعده الآيات القرآنية، فإن الله يقول عن السماء {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات: ٢٨]. وإذا كانت هذه الطبقات السماء الدنيا، والقمر أكثر منها بعدًا، فيمكن عده إذًا في سماء ثانية، وهذا ما لا أتصوره أبدًا مع أن الأستاذ ذكر قبل قليل، وهو ما نقلناه من أن، السبع سماوات غير أرضية، وهي مختلفة عن الأرض في الجنس على الأقل (٣)، ثم إن الآيات التي ذكرناها تشهد كلها بأن السماء الدنيا هي المزينة بالكواكب.

وما دمنا في ذكر الحديث عن السماوات والأرض وما فيهما، فلا بد أن نعرض لآراء الأستاذ، وبخاصة تلك التأويلات البعيدة، التي يريد أن يخضع بها القرآن لاحتمالات وظنون. السماوات السبع كما يقول إنما هي النجوم، ولم يبين لنا أي تلك النجميات هي التي اكتسبت اسم السماوات، وأما الأرضون فإنما هي الكوكب.


(١) ج ١٨ ص ٩٠ شرح النووي.
(٢) فتح الباري ج ١٠ ص ١٧٢.
(٣) المرجع السابق ص ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>