للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق أن المتدبر لآيات القرآن، يدرك دونما أدنى شك، أن النجوم شيء وإن السماوات شيء آخر. فقد ذكرت النجوم في القرآن دونما تحديد لها، ولا كذلك السماوات فقد ذكرت بأنها سبع، والحق أن تفسير السماوات السبع بالكواكب أو مداراتها، كما ذكره المفسرون الأقدمون، وهو ما تشير إليه نظرية بطليموس، تفسير لم يساعده الواقع. فإذا جاء الأستاذ حنفي، وقال: أنا أعتبر الكواكب إنما هي الأرضون، وأما السماوات فهي النجوم اللامعة المضيئة بذاتها) (١) .. فإنا نقول له - إن هذا بعيد كلّ البعد عن معنى الآي الحكيم.

ولقد اختلفت كلمة العلماء المحدثين في السماوات السبع، ويعجبني ما قاله الأستاذ رشيد رشدي العابري رحمه الله، وهو ممن جمعوا إلى عقيدتهم التي منّ الله بها عليهم، معلومات قيمة في علم الفلك الحديث، يقول حول موضوع السماوات السبع مفندًا ما شاع عند الناس من أن المقصود بها الكواكب السيارة: (وكل نظرية ومنها النظرية المدّية في كيفية تكوين العالم الشمسي، إن لم تحقق علميًّا بحيث تكون قطعية الثبوت، فإنه لا يجوز الركون إليها في تفسير آيات القرآن الكريم. ومن العلماء المعاصرين الذين يعتبرون حجة في آرائهم الفرعية، قد فندوا النظرية المذكورة وكم من نظرية جاءت قبل هذه النظرية المدّية اعتبرها العلماء تفسيرًا لكيفية تكوين المجموعة الشمسية، ولكنها لم تلبث أن تهاوت واندثرت فحلت محلها نظرية أخرى، لم تلبث أن سقطت وهكذا) (٢).

ويظهر أن السماوات السبع، من الأمور التي لم يمكن الله الإنسان من معرفة كنهها حتى الآن. وها هم العلماء يكتشفون جديدًا في كلّ يوم في هذا العالم العلوي من شموس ومجرات {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.

ويستمر الأستاذ حنفي في حديثه عن تفسير آيات السماوات والأرض، وعن


(١) لقد فسر السماء الدنيا تفسيرًا مخالفًا لهذا التفسير.
(٢) التمدّن الإسلامي ص ٨٥٨ سنة ١٣٧٤ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>