مبدأ خلقهما، ومعنى طواعيتهما، كذلك عن معنى قول الله تعالى {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}، فيرى أن السماوات خلقت قبل الأرض، وأن معنى قول الله تعالى {خَلَقَ الْأَرْضَ}، إنما هو التقدير دون الإيجاد، وهذا ما تاباه آيات القرآن. ولعل في آيات سورة فصلت ابتداء من قول الله تعالى:{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ... } إلى قوله: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ما يبين ذلك.
٤ - رده أقوال المفسرين في معنى {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا}[النازعات: ٢٩]: ثم يرد قول المفسرين عند قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات: ٢٧ - ٢٩]. ويقول (إنهم أولوا الآية دون حاجة)، ثم يأتي برأيه هو. ولا أدري أيهما كان أكثر إمعانًا في التأويل هو أم هم هذا ما ستتبينه إن شاء الله تعالى من عباراته.
يقول:(أما قوله: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} فقد أول المفسرون ظاهره دون مبرر. وقالوا إن معناها أنه تعالى أحدث الليل والنهار على الأرض وأنه إنما نسبها إلى السماء لأنَّها سبب فيهما. وإنا نرى الأخذ بظاهر الآية؛ لأنه لا يوجد ما يدعو إلى تأويلها وعملًا بالقاعدة المتفق عليها في التفسير، أي أن ما أغطش ليله - سبحانه وتعالى - وأخرج ضحاه، إنما هو أجرام السماوات بعد تسويتها .. والخلاصة أن قوله (وأغطش ليلها) إشارة قوية إلى أنه تعالى جعل الأجرام المسواه تتجمع أجزاؤها وتنكمش، حتى أصبحت كثيفة غير شفافة، فصار بذلك ليلها مظلمًا. وذلك بعد أن كانت غازية مخلخلة شفافة (١)، ثم يقول عند (وأخرج ضحاها) (فقد اتفق أهل اللغة على أن وقت الضحى، هو الوقت من النهار بعد ارتفاع الشمس، بعد الشروق بنحو ثلث ساعة إلى ما قبل الزوال. وقالوا إن الضحى أصل معناه ضوء الشمس عند امتداد النهار، وأن الوقت سمي به. وقال المرحوم الشيخ محمد عبده، (الضحى هو ضوء الشمس