وإذا كان ما توصل إليه الكاتب هنا، قد سبق إليه، فإن بعض النتائج التي أثبتها تستحق الدهشة، لأنها نتائج غريبة لا تتفق مع التصور الإسلامي. والآيات التي استشهد بها، ينبو سياقها عن المعنى الذي أراد، يقول الكاتب: (وحتى لا تكون لأحد أعذار في أفعاله، فيقول لحظة الحساب فعلت كذا وكذا تحت تأثير العرف والتقاليد والبيئة والمجتمع والتربية. . . الخ حسم الله الموضوع فقال في القرآن:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}[البقرة: ٢٢٥] وفي آية ثانية: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥] كما يستشهد بآيتين أخريين: إحداهما {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦] والأخرى {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}.
هذا ما قاله الكاتب، واعتقادي أن هذا قول خطير لا من حيث الناحية الموضوعية والتدقيق العلمي فحسب، وإنما من حيث النتائج التي تترتب عليه كذلك:
فأولًا: لا أدري ما وجه الصلة وسر الربط بين عدم العذر في لحظة الحساب، وبين ما استشهد به من آيات، وبخاصة الآية الأخيرة التي جاء قبلها {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} يقينًا أقحمها الكاتب إقحامًا. والآيات التي قبلها كل واحدة منها لها سببها، ومع أن العبرة ليست بخصوص السبب، لكن إيرادها هنا، ليس حلًا حاسمًا من قبل الله، لعدم الإعذار في لحظة الحساب.
وثانيًا: الذي نفهمه من كلام الكاتب، ويفهمه كل واحد: أن من يقترف عملًا بتأثير البيئة والمجتمع والعرف والتقاليد والتربية، وغير ذلك من العوامل المؤثرة في سلوك الانسان ونهجه، فإنه لا يحاسب عما اقترفه، ترى أيتفق هذا مع التصور الإسلامي روحًا ونصًا؟ وأي الناس أولى من الأباء والإخوة والعشيرة من أن يكون لهم تأثير على مسلك الإنسان. فهل قال القرآن لهؤلاء لا تثريب عليكم ما دمتم