إحداث البدعة لا تنجي مبتدعها من سوء أثرها، وفي حديث ابن مسعود في الصحيحين مرفوعًا (لا تقتل نفس ظلما إلًا كان على ابن آدم كفل (نصيب) من دمها لأنه أول من سن القتل).
١٠ - وعند قوله تعالى:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا}[النساء: ٤٣] يقول: (ولا جنبًا) عطف فيه قوله (ولا جنبًا) على قوله (وأنتم سكارى) والمعنى لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبًا، فجملة (وأنتم سكارى) حالية، فهي في حيز النصب، وفرق عبد القاهر في دلائل الإعجاز بين الحال المفردة والجملة الحالية، فمعنى جاء زيد راكبًا أن الركوب كان وصفًا له حال المجئ، فهو تابع للمجيء مقدر بقدره، ومعنى جاء وهو راكب: أن الركوبَ وصف ثابت في نفسه، وقد جاء هو في حال تلبسه به، وقد تكون الجملة الحالية غير وصف لذي الحال، كقولك جاء والشمس طالعة، وقد يتقدم مضمونها فعل ذي الحال الذي جعلت قيدًا له، وقد يتأخر عنه، وأما الحال المفردة، فيعتبر فيها مقارنة فعل الركوب، ولهذا قال بعض فقهاء الشافعية: من قال لله عَلَيَّ أن أعتكف صائمًا وجب عليه أن يصوم لأجل الاعتكاف، ولا يجزئه أن يعتكف في رمضان، ومن قال لله عليّ أن أعتكف وأنا صائم، لا يلزمه صوم لأجل الاعتكاف، بل يجزئه أن يعتكف في رمضان، لأن مضمون الجملة الحالية لا يشترط أن يكون مقارنًا لفعل ذي الحال، كما يشترط ذلك في الحال المفردة. هذا وإني لا أذكُر أني رأيت للمفسرين بيانًا لنكتة اختلاف الحالين في هذه الآية فلم لم يقل لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبًا أو لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا أنتم جنب أو يجعل الأولى مفردة والثانية جملة؟ وهل يقع هذا الاختلاف في تعبير القرآن اتفاقًا، أو لمجرد التفنن في العبارة؟ كلا إن النكتة ظاهرة، لا تخفى على من كانت اللغة ملكة له، وقد تخفى عمن تكون صناعة عنده، لا يفهم دقائق نكتها إلا عند تذكر القواعد