للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الأول) أن في الكلام التفاتًا من الخطاب إلى الغيبة لأن ما قبله خطاب منه سبحانه للمكلفين، والتفاتًا آخر من التكلم إلى الغيبة وإلا لقال: ثم رددنا أو رددناهم على الالتفات - الخ ونكتة الالتفات تفهم من المباحث الأخرى.

(الثاني) أنه جعل فعل الرد مبنيًا للمفعول للدلالة على أن له تعالى رسلًا أخرى - والظاهر أنهم غير رسل الموت ورسل الحفظ - يردون العباد إليه بعد البعث عندما يحشرونهم بأمره للحساب والجزاء، وهي أظهر نكت الالتفات.

(الثالث) ذهب بعض المفسرين إلى أن الضمير في قوله (ردوا) للكل المدلول عليه بأحد من قوله (إذا جاء أحدكم الموت)، وأن هذا هو السر في مجيئه بطريق الالتفات، والإفراد أولًا والجمع آخرًا، لوقوع التوفي على الإفراد، والرد على الجملة والمجموع. ونحن نرى أنه لا حاجة إلى تكليف القول برجوعه إلى الكل المدلول عليه بأحد. والالتفات عبارة عن جعل ضمير الخطاب الذي للجماعة ضمير غيبة لهم.

(الرابع) أن هذا الرد يكون بعد البعث فكان الأصل أن يعبر عنه بفعل الاستقبال كما في آية الجمعة {ثُمَّ تُرَدُّونَ} [الجمعة: ٨] وعبر هنا بالماضي لإفادة تحقق الوقوع حتى كأنه وقع وانقضى.

(الخامس) من فوائد الالتفات من التكلم إلى الغيبة ذكر اسم الجلالة ووصفه بما وصف به، ولا يخفى أن تأثيره في النفس هنا أعظم من تأثير ضمير المتكلم.

وينقل أبحاثًا أربعة عقدها السكاكي (١)، عند تفسير قول الله تعالى {يَاأَرْضُ ابْلَعِي


(١) المنار جـ ٩ ص ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>