للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استيفاء لأحكام هذه الأحوال الطارئة أن نعرفها، وأن نعرف أساس الحكم فيها من هذه الطوارئ، فجاءت الشرطية الثالثة تبين لنا الحكم في ظل تلك الطوارئ. ولما كان الأصل الذي عليه الناس هو صحتهم، وإقامتهم، ووجود الماء فيما بينهم، وعلى هذا الأصل جاء الحكم في الشرطيتين السابقتين، كان من الضروري أن تعرض الآية للأحوال الطارئة على هذا الأصل، وهي أحوال المرض والسفر، وعدم وجود الماء، فذكرت الشرطية الثالثة الحكم في الأحوال الثلاثة بعناوينها الخاصة فقالت: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وعلى هذا يكون (المرض) عارضًا مبيحًا للتيمم بنفسه دون أي اعتبار آخر معه، سواء صحبته إقامة أم سفر. أو وجود ماء أو فقده، أو حدث أصغر أو أكبر، ويكون (السفر) عارضًا مبيحًا للتيمم بنفسه دون أي اعتبار آخر معه سواء صحبه مرض أو صحة، أو وجود ماء أو فقده في حدث أصغر أو أكبر، ويكون (فقد الماء) عارضًا مبيحًا للتيمم بنفسه صحبته صحة أم مرض، إقامة أو سفر، في حدث أصغر أم أكبر، وبهذا تكون الشرطية الثالثة جاءت لبيان أحكام الحالات التي طرأت على ما هو الشأن في الناس من الإقامة، والصحة، ووجود الماء.

هذا هو الذي نفهمه من الأسلوب القرآني بمجرد النظر فيه، وتتبع الأحوال التي دلت عليها العادة الجارية، وأشارت إلى ما يخالفها العناوين الخاصة التي ذكرت في تلك الشرطية من (المرض، والسفر، وعدم وجدان الماء) وبذلك يكون (المرض) مبيحًا للتيمم كيف كان، وعلى أي حال كان المريض، ويكون (عدم وجدان الماء) مبيحًا للتيمم كيف كان الفاقد له، وعلى أي حال كان، فالمريض يتيمم، والمسافر يتيمم، وفاقد الماء يتيمم، وكلها أسباب مستقلة مبيحة للتيمم.

أما الجمهور فقد قالوا: إن المذاهب المعروفة عندنا لا تبيح التيمم للمسافر إلا عند فقد الماء، ولا يمكن أن يعقل ذلك من أرباب المذاهب كلها إلا إذا كان لديهم

<<  <  ج: ص:  >  >>