للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحكمة، فهو واجب عليه تعالى، أو واجب في حقه، كما يجب له كل كمال، ويستحيل عليه كل نقص فقام الآخرون يجادلونهم على لفظ (واجب عليه)، ولعلهم قالوا (يجب له) (١)، فحرفوها، ومهما قالوا فالمقصود واحد، وهو إثبات الكمال لله تعالى وتنزيهه عن النقص، وأكثر الجدل الذي أهلك المسلمين، وفرقهم شيعًا وأذاق بعضهم بأس بعض، كان مبنيًا على المشاحَّة في الألفاظ والاصطلاحات. وكتاب الله ودينه، يتبرأ من ذلك وينهى عنه) (٢).

ب - وكذلك عند قول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] من سورة الأنعام، يقول: (ومن المباحث الكلامية في الآية قول الأشعرية (إن الثواب كله بفضل الله تعالى، ولا يستحق أحد من المحسنين منه شيئًا) وقول المعتزلة (إن الثواب هو المنفعة المستحقة على العمل، والتفضل المنفعة غير المستحقة، وإن الثواب يجب أن يكون أعظم من التفضل في الكثرة والشرف، إذ لو جاز العكس أو المساواة، لم يبق في التكليف فائدة، فيكون عبثًا قبيحًا. ومن ثم قال الجبائي وغيره يجب أن تكون (العشرة الأمثال) في جزاء الحسنة تفضلًا، والثواب غيرها وهو أعظم منها، وقال آخرون: يجوز أن يكون أحد العشرة هو الثواب، والتسعة تفضل، بشرط أن يكون الواحد أعظم وأعلى شأنًا من التسعة، ونقول: إن هذه النظريات كلها ضعيفة ولا فائدة فيها، وإذا كان التفضل ما زاد وفضل على أصل الثواب المستحق بوعد الله تعالى وحكمته وعدله، فأي مانع أن يزيد الفرع على الأصل، وهو تابع له، متوقف عليه وإنما كان يكون الثواب حينئذ عبثًا، على تقدير التسليم، لو كان التفضل يحصل بدونه فيستغني به، عنه كما هو واضح) (٣).


(١) وهذه تعطينا صورة عن مقدار عدم ثقته بآراء الأشاعرة وموقفهم من المعتزلة.
(٢) تفسير المنار (٥/ ١٠٧).
(٣) تفسير المنار جـ ٨ ص ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>